فيما تغرق إب في الحفر.. 285 مليوناً تُصرف لطريق يخدم منتجعاً خاصاً تديره وتستحوذ عليه قيادات حوثية

في وقت تغرق فيه مدينة إب وشوارعها الرئيسة بالحفر والاهتراء وغياب أي أعمال صيانة أو تأهيل جدي منذ سنوات، دشّنت مليشيا الحوثي مشروعاً مثيراً للجدل تبلغ تكلفته 285 مليون ريال، يخدم بالدرجة الأولى منتجعاً سياحياً خاصاً في منطقة حراثة يستحوذ عليه وتديره قيادات حوثية من خارج المحافظة.

ويأتي هذا المشروع وسط اتهامات متصاعدة لمكتب الأشغال العامة والطرق بالمحافظة بممارسة فساد مالي وإداري واسع النطاق، حيث تُقدّر إيراداته الشهرية بالمليارات، لكنها –بحسب مواطنين وناشطين– تُهدر في مشاريع شكلية أو موجهة بنفوذ ومحسوبية لقيادات حوثية، بينما تُترك الطرق الحيوية التي تربط أحياء المدينة بالمستشفيات والأسواق غارقة في التدهور.

المشروع الذي افتتحه المحافظ المعين من قبل الحوثيين عبدالواحد صلاح يشمل الرصف الخرساني والجدران الساندة لشارعي 12 و16 في منطقة حراثة، بطول 360 متراً في المرحلة الأولى، على أن تستكمل المرحلة الثانية بتكلفة إضافية قدرها 114 مليون ريال. ورغم الإعلان الرسمي بأن التمويل جاء من السلطة المحلية والمبادرات المجتمعية ومساهمة منتجع إب السياحي، حاول ناشطون تابعون للمليشيا الحوثية إثبات أن المنتجع تكفل بجميع النفقات، حتى تكاليف التدشين والإعلام، بينما جرى تضليل الرأي العام بإظهار المشروع كمنجز للسلطة المحلية، حسب قولهم، في محاولة لتبرير الفضيحة المدوية لمكتب أشغال إب حول هذا المشروع.

ويرى مراقبون أن المشروع لا يمثل أولوية خدمية للمواطنين، إذ لا يعد شارع حراثة من الشوارع الحيوية، بل يخدم المنتجع بشكل مباشر. واعتبروا أن "285 مليون ريال تُصرف على طريق يخدم منشأة خاصة، في حين أن شوارع إب الداخلية باتت أشبه بمستنقعات، يكشف حجم الفساد والتلاعب بالموارد المحلية.

ويتهم مواطنون مكتب الأشغال العامة بالانحياز لمشاريع تخدم مصالح ضيقة على حساب المصلحة العامة، محذرين من أن هذه السياسات تُكرّس حرمان الناس من أبسط حقوقهم الخدمية، وتزيد من حالة الاحتقان الشعبي.

في المقابل، يدافع القائمون على المشروع بأنه سيسهم في التخفيف من الازدحام، وتحسين حركة السير، وتعزيز النشاط السياحي والاقتصادي في المدينة، معتبرين أن مشاركة القطاع الخاص في مثل هذه المشاريع ضرورية في ظل ضعف الإمكانيات الحكومية.

غير أن هذه المبررات لم تقنع كثيرين، خصوصاً مع تفاقم معاناة المواطنين جراء انهيار البنية التحتية للطرق، واستمرار غياب الشفافية والمساءلة في إدارة موارد الأشغال.

وبين الرواية الرسمية والاتهامات الشعبية، يظل السؤال قائماً: لماذا تُهدر مئات الملايين على مشروع يخدم منشأة خاصة بينما تُترك طرق إب الحيوية غارقة في الحفر؟