ثورة 26 سبتمبر.. التي أخرجت اليمن من ظلمات الإمامة إلى نور الجمهورية
في لحظة تاريخية فارقة أعاد أحرار اليمن ضبط عقارب الزمن في الـ26 من سبتمبر عام 1962 حين تمكنوا بتضحياتهم وبطولاتهم المشهودة، من إسقاط أعتى النظم الديكتاتورية التسلطية المستبدة، في تاريخ اليمن والمنطقة، وإقامة نظام جمهوري ديمقراطي مدني عادل، ومجتمع حر متعاون، تسوده العدالة الاجتماعية، بعد عقود مظلمة من الاستبداد والاضطهاد الإمامي، كابد خلالها شعبنا اليمني الكريم ثالوث (الفقر والجهل والمرض، ومرارة الفرقة والتمايز الطبقي، والعزلة الجغرافية والانغلاق الفكري والمعرفي).
في تلك اللحظة التاريخية المضيئة استعاد اليمنيون وطنهم وحريتهم وكرامتهم ومجدهم الحضاري بثورة 26 سبتمبر الخالدة، التي حررت اليمن من قبضة السلالة الكهنوتية، وأخرجت اليمنيين من ظلمات الإمامة إلى نور الجمهورية، ومن غابر العصور البدائية إلى رحاب الحياة العصرية المنفتحة.
عاش الشعب اليمني 48 عاماً في نعيم جمهورية 26 سبتمبر حتى بدأت نذر الفوضى والتصدع السياسي والمجتمعي بانتقال شرارة فوضى الربيع العبري إلى اليمن مطلع العام 2011 التي أسهمت في إضعاف كافة مؤسسات الدولة وأحدثت انقسامات سياسية واجتماعية حادة، تسللت عبرها جحافل المليشيات الحوثية من كهوف الإمامة بصعدة إلى قصور الجمهورية بصنعاء.
تواجه اليوم ثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة، خطر الإمامة بنسختها الحوثية الأكثر عدوانية ودموية وسادية من أسلافهم الأئمة الطغاة، حيث تحاول ميليشيا الحوثي بشتى الطرق، إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، وتدمير إرثنا الحضاري والثقافي وهويتنا الوطنية الجمهورية الجامعة، وفرض هويتها الطائفية الدخيلة بما تحمله من أفكار ظلامية وخرافات باطلة، تدعي زيفاً وبهتاناً أحقية هذه السلالة الباغية بالحكم، دون غيرها من أبناء الشعب اليمني، الذي اختار النهج الديمقراطي سبيلاً وحيداً لتولي مسئولية السلطة وإدارة الشأن العام، ولأن هذه الميليشيا العنصرية لا تؤمن بقيم ومبادئ النهج الديمقراطي الحُر، تحاول إفراغ الساحة من القوى الوطنية (السياسية والقبلية والمدنية) المقاومة لسلطتها الاستبدادية الغاشمة، ومشروعها السلالي العنصري، وآخرها محاولة هذه الميليشيا البائسة فرض وصايتها على المؤتمر الشعبي العام، وإجبار قياداته في الداخل على اتخاذ قرارات لا تعبر عن إرادتهم السياسية الحُرة، وحيث يدرك الجميع وتعلم الميليشيا أن مثل هذه القرارات التعسفية لا قيمة ولا أثر لها، وأن المؤتمر أكبر وأسمى من أن يخضع لوصاية ميليشيا طائفية طارئة على اليمن والمشهد السياسي الوطني.
تقتضي المصلحة الوطنية العليا توحيد ممكنات المعركة، واصطفاف كافة القوى الوطنية في جبهة عسكرية وسياسية وقبلية واحدة، لمواجهة الإماميين الجدد الذين غدروا بالثورة والجمهورية، وزرعوا الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وتسللوا عبر شقوق الانقسامات التي أصابت قوانا الوطنية، حتى تمكنوا للأسف من السطو المسلح على صنعاء "حاضرة النظام الجمهوري".
ما أحوجنا اليوم إلى تجاوز خلافات الماضي، والالتفاف حول مشروع الإنقاذ الوطني الذي طرحه الأخ أحمد علي عبد الله صالح في خطابه بمناسبة الذكرى الـ63 لثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة، والذي دعا فيه كافة القوى الوطنية الحُرة إلى الاصطفاف من أجل إنقاذ اليمن واليمنيين من المعاناة التي فرضها الانقلاب الحوثي المشئوم ولملمة شتات الوطن المنقسم، على أساس الأهداف والقواسم المشتركة والتطلعات المشروعة في بناء وطن يتسع للجميع؛ انتصارًا للثورة والجمهورية والوحدة الوطنية والديمقراطية.
عيد سبتمبري مجيد، وكل عام وكياننا الوطني الجمهوري بألف خير وسلام
* باحث في الاتصال السياسي