انقلاب 21 سبتمبر… البداية العلنية لتحويل اليمن إلى مستعمرة إيرانية

منذ عقود، يُعرف أن مليشيا الحوثي الإرهابية تنتمي إلى الزيدية الاثنى عشرية، إحدى الفرق الطائفية، وأن هناك جذوراً تاريخية تربط بين الزيدية والإمامية في إيران تقوم على المرجعية الدينية المشتركة، إلا أن العلاقة الحوثية – الإيرانية تجاوزت البعد المذهبي لتتحول إلى شراكة عسكرية وسياسية، شملت الدعم اللوجستي، التدريب، وتزويد المليشيا بالأسلحة والتقنيات.

ويؤكد تقرير "Houthi Explainer: Ties to Iran" الصادر عن معهد السلام الأميركي، أن إيران وفّرت للجماعة التمويل والإمداد بالسلاح، إضافة إلى تمويل غير مباشر عبر شبكات تهريب وتجارات مشبوهة لتمويل عملياتها العسكرية.

وصاية إيرانية

حتى قبل انقلاب 21 سبتمبر 2014، كانت المليشيا ترسل عناصرها إلى إيران أو إلى قم لتلقي دورات دينية ومذهبية، بل وتدريبات عسكرية، وفق تقارير حقوقية ودولية. وبعد الانقلاب وسيطرة مليشيا الحوثي على صنعاء، تحولت العلاقة من دعمٍ غير معلن إلى وصاية مباشرة.

ففي 5 نوفمبر 2020، أعلنت طهران رسمياً تعيين الضابط في فيلق القدس، حسن إيرلو، سفيراً لها بصنعاء، والذي بدوره لك يكتفِ بممارسة الدور الدبلوماسي، بل أصبح يظهر علناً في مؤسسات حكومية وفعاليات وأنشطة، وزار جامعة صنعاء في يونيو 2021، حيث وجّه بـ "تطوير المناهج والمواد التدريسية في جامعة صنعاء"، وفق ما أسماه "نقل التجارب الطبية والهندسية الإيرانية إلى صنعاء"، بحسب ما نشره حساب السفارة الإيرانية في صنعاء على منصة "إكس"، وفقاً لوسائل إعلام محلية.

وفي ديسمبر 2021، أعلنت المليشيا وفاته في صنعاء، مدعية إصابته بفيروس كورونا، بينما أكدت مصادر عسكرية مقتله بغارة جوية للتحالف العربي. 

وكانت الحكومة اليمنية، قد بعثت في فبراير 2020 رسالة إلى مجلس الأمن توضح أن إيران هرّبت ضابطاً عسكرياً إلى صنعاء ونصّبته سفيراً، لتكون الدولة الوحيدة التي تقوم بمثل هذا الإجراء.

وفي أغسطس 2024، كررت طهران تعيين سفير جديد، علي محمد رمضاني، الذي استقبله وزير خارجية حكومة الانقلابيين جمال عامر، في خطوة أثبتت أن الوصاية الإيرانية باتت أمراً واقعاً لا يمكن للحوثيين إنكاره.

تجليات الولاء العلني

لم يعد ولاء الحوثيين لإيران أمراً مستتراً؛ فقد وثّقت تقارير استخباراتية أمريكية، منها تقرير "Iran: Enabling Houthi Attacks Across the Middle East"، أن مليشيا الحوثي نفذت أكثر من مئة هجوم بري وبحري باستخدام أسلحة إيرانية.

كما نصبت الجماعة لوحات ضخمة لقادة الحرس الثوري، أبرزهم اللواء قاسم سليماني -قائد فيلق القدس- الذي قتل بغارة أمريكية في العاصمة العراقية بغداد، وأحيت مناسبات إيرانية طائفية وسياسية، بل واعتقلت عشرات المدنيين في المحويت عام 2021 لتمزيقهم صور خامنئي وسليماني ونصر الله.

ولاء حتى البكاء

في 27 سبتمبر 2024، قُتل حسن نصر الله وعدد من قادة حزب الله بغارات إسرائيلية، فأعلنت مليشيا الحوثي رسمياً، الحداد ثلاثة أيام، وشارك وفد رسمي في تشييع رمزي ببيروت في فبراير 2025، حيث ظهر قادتهم ينتحبون ويبكون، بل وصل الأمر إلى تقبيل أيادي مرافقي نصر الله "طلباً للبركة".

وفي المقابل، حين قُتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي و10 وزراء في غارات إسرائيلية بصنعاء (أغسطس 2024)، اكتفت الجماعة بتشييع صامت، في مفارقة كشفت أن دماء اليمنيين أقل قيمة عندها من قادة المحور الإيراني.

يأتي ذلك في وقت تُخفي القيادات الحوثية نفسها في أوقات الخطر، بينما تدفع بغيرها إلى مربع الموت، ومن ثم استثمار ذلك لاحقاً لإظهار نفسها كضحية أمام الرأي العام. 

ومن كل مما سبق، أثبت انقلاب 21 سبتمبر 2014 أن الحوثيين سلّموا اليمن للوصاية الإيرانية وتحويلها إلى مستعمرة تابعة لطهران، متخفين وراء شعارات وطنية زائفة، ومكرسين تبعية مذهبية على حساب الهوية والسيادة اليمنية، لتصبح هذه الجريمة بحد ذاتها مبرراً قانونياً ودولياً لمحاكمة الجماعة باعتبارها رَهنت بلداً بأكمله لمشروع خارجي قائم على الطائفية والعنصرية.