وثائق تكشف: 39 مطلوبًا أغلبهم عسكريون.. والشارع يحمل "الإصلاح" مسؤولية الانفلات في تعز

شهدت مدينة تعز خلال الأيام الثلاثة الماضية سلسلة جرائم دامية هزّت الشارع وأثارت موجة غضب شعبي عارم، أعقبها خروج مظاهرات حاشدة لليوم الرابع على التوالي تطالب بإقالة القيادات الأمنية والعسكرية ومحاسبة المتورطين في جرائم الاغتيال والانفلات الأمني.

صباح الخميس 18 سبتمبر 2025، اغتيلت افتهان المشهري، المديرة العامة لصندوق النظافة والتحسين بتعز، برصاص مسلحين أطلقوا عليها وابلاً من الرصاص من مسافة صفر في جولة سنان شمالي المدينة، ما أدى إلى مقتلها على الفور.

وأفادت مصادر محلية بأن المشهري كانت قد تلقت تهديدات متكررة بالقتل من متهمين مرتبطين بقيادات في حزب الإصلاح، وأبلغت الجهات المعنية دون أن تحظى بأي حماية.

وبعد ساعات من الجريمة، أقدم مسلح مطلوب أمنيًا يدعى فاروق قاسم فاضل شقيق قائد محور تعز على إطلاق النار على سيارة نقل ركابًا في مديرية جبل حبشي، ما أدى إلى إصابة سائق وامرأتين بجروح بالغة. 

كما نجا المواطن علي ناجي سعيد القدسي من محاولة اغتيال فجر السبت أمام منزله قرب مدرسة زيد الموشكي، حين أطلق مجهول النار على سيارته. وبالتزامن، أُضرمت النيران في سيارتين بحي بير باشا، وسط أجواء من التوتر والاحتقان الشعبي.

مساء السبت، توفي الطالب الجامعي حسين عبدالرحمن الصوفي متأثرًا بإصابته خلال حادثة اغتيال المشهري، ليرتفع عدد ضحايا الجريمة إلى اثنين.

هذه الوقائع ليست معزولة، فقد شهدت تعز خلال السنوات الماضية جرائم قتل واعتداءات طالت مدنيين وأطفالًا أفلت مرتكبوها من العقاب لارتباطهم بألوية عسكرية وأمنية محسوبة على حزب الإصلاح. 

وثائق رسمية صادرة عن إدارة أمن المحافظة كشفت عن قائمة سوداء تضم 39 مطلوبًا على خلفية ارتكابهم عشرات من جرائم القتل والسطو والاعتداءات، معظمهم منتمون لجهات عسكرية وأمنية، دون أن تُنفذ بحقهم أوامر الضبط القهرية.

الجرائم المتلاحقة دفعت المئات من أبناء تعز للخروج في مسيرات احتجاجية منذ الجمعة، بلغت ذروتها صباح الأحد 21 سبتمبر، حيث توافدت حشود ضخمة من أحياء المدينة وجامعة تعز وأرياف المحافظة لتلتقي في شارع جمال وسط المدينة. 

وردد المتظاهرون شعارات غاضبة ضد القيادات الأمنية والعسكرية، محمّلين قائد المحور العسكري خالد فاضل، ومدير الأمن منصور الأكحلي، والقيادي الإصلاحي رشيد حمود شمسان، إضافة إلى محافظ المحافظة نبيل شمسان، المسؤولية الكاملة عن الانفلات الأمني والتستر على المطلوبين.

المحتجون طالبوا بترحيل كافة القيادات الأمنية والعسكرية وإعادة هيكلة المؤسستين الأمنية والعسكرية على أسس وطنية، مع محاسبة المتورطين في الجرائم أو المتسترين على مرتكبيها.

 كما دعوا إلى تدخل عاجل من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لوقف حالة الفوضى، محذرين من أن استمرارها يحول تعز إلى "وكر للإرهاب".

المسيرة الجماهيرية تحولت إلى اعتصام مفتوح أمام مبنى السلطة المحلية بشارع جمال، حيث أكد المتظاهرون استمرارهم في الاحتجاج حتى الاستجابة لمطالبهم، معتبرين أن صبر الشارع قد نفد أمام مسلسل الدم والعبث الأمني.