قضية الشهيدة افتهان المشهري.. مرآة الانهيار الأمني في تعز

أ/مطيع سعيد المخلافي

في مشهد مأساوي يجسد حجم الانهيار المؤسسي والفشل الذريع الذي وصلت إليه محافظة تعز، تقف قضية اغتيال الشهيدة الدكتورة افتهان المشهري شاهداً صارخاً على عجز السلطة المحلية وقياداتها الأمنية والعسكرية عن القيام بواجبها الأول المتمثل في حماية أرواح المواطنين وتحقيق العدالة.

هذه الجريمة البشعة لم تكشف فقط عن بشاعة القتل، بل أماطت اللثام عن واقع مرير تعيشه المحافظة، واقع من الفساد، والفوضى، وانهيار المنظومة الأمنية والعسكرية بشكل مخز ومؤلم.

لقد أصبحت هذه الجريمة الجبانة عنواناً لمرحلة من الفساد المؤسسي والانفلات الأمني، حيث تحولت تعز، المدينة الصامدة ذات التاريخ النضالي والمكانة الحضارية، إلى بؤرة للفوضى، تتحكم بها العصابات، وتُنهب فيها الممتلكات، وتُستباح فيها دماء الأبرياء، في ظل صمت وتواطؤ رسمي غير مبرر.

الدماء التي سفكت لم تكن مجرد حادث عرضي، بل كانت نتيجة حتمية لتراكم الإهمال والتواطؤ والفساد داخل مؤسسات الدولة. لقد فتحت هذه الجريمة جرحاً عميقاً في وجدان أبناء محافظة تعز، وكشفت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه السلطة لم تعد تمثل إرادة الشعب، ولا تحترم حقه في الأمن والحياة والكرامة.

اليوم، لم يعد الصمت مقبولًا، ولم يعد المطلب مقتصراً على ضبط الجناة فقط، بل أصبح اجتثاث قيادات السلطة المحلية وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية والعسكرية مطلباً وطنياً، ودينياً، وأخلاقياً. يجب محاسبة القيادات الفاسدة، ومقاضاة المتورطين بالتقصير أو التستر، وإعادة بناء مؤسسات الدولة في تعز على أسس الكفاءة والنزاهة.

إن الشارع في مدينة تعز يغلي، والغضب الشعبي يتصاعد، ليس فقط رفضاً للجريمة، بل رفضاً للسلطة التي عجزت عن حماية الناس، وفشلت في القيام بأبسط واجباتها، وتحولت إلى غطاء للفاسدين والمجرمين ولن يُطفئ هذا الغضب إلا بتحقيق العدالة الكاملة للشهيدة افتهان المشهري، ومحاسبة كل من أسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في التستر على القتلة، أو التهاون في إنفاذ القانون.

ولتعلم السلطة المحلية، وقياداتها الأمنية والعسكرية أن صبر أبناء تعز قد نفد، وأن صرخة العدالة التي فجرتها دماء الدكتورة افتهان المشهري ستظل تتردد حتى تتحقق العدالة، ويعاد للوطن هيبته، وللمواطن كرامته، وللقانون سلطته، وعليها أن تعلم أن هذه الجريمة لن تُنسى بالتسويف والمماطلة. إنها لحظة فاصلة في تاريخ المدينة، إما أن تنتصر فيها العدالة، أو يسقط فيها ما تبقى من شرعية هذه السلطة.