من 21 إلى 26.. حكاية وطن بناه سبتمبر وهدمه الحوثي
صلاح الطاهري
في السادس والعشرين من سبتمبر، قامت ثورة لم تكن عادية، بل كانت ثورة مهذبة متحضرة بكل معنى الكلمة. لم تُغرق اليمنيين في الدماء والدمار، أسقطت الحكم الإمامي الكهنوتي النزق لتقدم وتمنح اليمنيين الحريات وتمكنهم من الحقوق
اختارت أن تبني لهم المدارس والجامعات، وتمد الطرقات، وتضيء البلاد بالكهرباء. كانت ثورة تهدف إلى تعليم الشعب، وتوفير حياة كريمة لكل مواطن، ثورة رفعت سقف الأمل وفتحت أبواب المستقبل أمام الأجيال.
كان السادس والعشرون من سبتمبر أكثر من مجرد تاريخ، كان إعلان ميلاد دولة حديثة، دولة تحترم الإنسان وتبني له مستقبله. احتضنت الجمهورية الأطفال في صفوف الدراسة، وعلموا أن العلم هو النور، وأن الوطن يُبنى بالجهد والإبداع، لا بالقتل والهدم والتشرد والضياع.
ثم جاء الواحد والعشرون من سبتمبر المشؤوم لتتغير المعادلة بالكامل. جاء الحوثيون بانقلاب ونكبة بمشروع الإمامة السلالي بنسخته الجديدة ، اختاروا أن يقلبوا مفاهيم البناء رأساً على عقب.
بدل المدارس، بُنيت المقابر؛ بدل الجامعات، شيدت الزنازين؛ بدل قاعات المحاضرات، احتضنت الأطفال محارق الموت لتصبح البراءة وقوداً لحرب عبثية لا طائل منها.
في زمن 26 سبتمبر، كانت اليمن ورشة عمل وطنية، الجميع يشارك في البناء، في العلم، في الإنتاج، وفى الأمل. أما في زمن 21 سبتمبر، فقد تحول اليمن إلى ورشة خراب: الطرقات مليئة بالحفر، المطارات أهداف، والجسور ركاماً.. والحريات والحقوق في غياهب التهمة والجريمة والخيانة والارتزاق كما يسميها كل حوثي وزنبيل.
26 سبتمبر بنى دولة ومؤسسات، أما 21 سبتمبر فأنشأ سلطات أمر واقع، قمعية سلالية منحرفة ولجان جبايات, وإتاوات ونهب وسلب.
تفرض على الشعب الضرائب باسم الحرب، والولاية والمولد والهالك حسين والغدير والزهراء وكأن الإنسان لم يعد هدفاً، بل مجرد أرقام وموارد لتغذية آلة الخراب، ووسيلة لبقاء الحوثيين على رقاب اليمنيين بخرافاتهم وتسلطهم.
الفرق بين 26 و21 كما الفرق بين مشروع الحياة والموت، بين ثورة أرادت أن تمنح اليمنيين مستقبلاً واعداً، وانقلاب أجهز على هذا المستقبل وأعاد البلاد إلى ظلام الماضي.
اليوم، ونحن نتذكر السادس والعشرين من سبتمبر، يجب أن نتذكر أن الثورة ليست مجرد ذكرى، بل دروسٌ في البناء، في الحرية، في العلم، وفي كرامة الإنسان.
ويجب أن يستعيد اليمنيون جمهوريتهم ودولتهم بشتي الطرق الممكنة.
أما الانقلاب، فيجب أن يظل درساً مؤلماً عن الخراب، والعبث. والجهل والخرافة عن الظلم، وعن استغلال القوة لتدمير وطن بأكمله.
التاريخ صادق وقد كتب ودون بأن 26 سبتمبر كانت ثورة أضاءت الطريق، بينما 21 سبتمبر كان انهياراً مؤسفاً أطفأ النور وأعاد الوطن إلى ظلامه.