نكبة 21 سبتمبر.. اليمن يستعيد الذكرى الأشد تدميراً في تاريخه الحديث

تحل الأحد الذكرى الحادية عشرة لانقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة اليمنية في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وهو اليوم الذي تصفه الغالبية من اليمنيين بأنه النكبة الأشد تدميراً في تاريخ البلاد الحديث، حيث اجتاحت الجماعة العاصمة صنعاء وأطلقت شرارة الانحدار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي لا تزال اليمن تعاني تبعاته حتى اللحظة.

جاء انقلاب الحوثيين كنسخة مكررة من حكم الإمامة الذي لفظه اليمنيون في ستينيات القرن الماضي، إذ أعادت الميليشيا إنتاج أساليب القمع والتسلط، وحولت الولاء من الدولة والشعب إلى عائلة الحوثي وقادتها، فيما تم تربية الأجيال على ولاءات طائفية مذهبية بدلاً من الانتماء الوطني الجامع.

منذ ذلك اليوم، حرمت الميليشيا ملايين اليمنيين من الرواتب والخدمات الأساسية، وفرضت سياسات تجويعية ممنهجة لضمان تبعية الناس، بينما استثمرت موارد الدولة في تعزيز قبضتها الأمنية والعسكرية، مستندة إلى دعم إيراني مباشر، في خطوة عدّها مراقبون إعلاناً إيرانياً عن السيطرة على العاصمة العربية الرابعة.

النكبة لم تقف عند حدود إسقاط مؤسسات الدولة، بل تحولت إلى مشروع تدميري شامل، حيث فجرت الميليشيا المنازل والمساجد، واعتقلت الآلاف، وجندت الأطفال، وأغرقت البلاد في حروب متواصلة خلفت أكثر من نصف مليون قتيل، ونحو 400 ألف جريح، إضافة إلى نزوح أكثر من خمسة ملايين مواطن داخل البلاد وخارجها.

طوال عقد من الزمن، استحوذت الجماعة على موارد الموانئ والضرائب والجمارك، ونهبت البنوك، وشرعنت الجبايات تحت مسميات دينية كـ"الخُمس" و"الزكاة"، فيما استمرت برفض دفع مرتبات الموظفين رغم الإيرادات الضخمة التي تجنيها شهرياً، وواصلت استغلال المساعدات الإنسانية لأغراضها العسكرية والسياسية.

كما رسخت الميليشيا مشروعها الطائفي في التعليم والمناهج والمراكز الصيفية، وفرضت طقوسها الدينية على المساجد والفعاليات العامة، في محاولة لطمس الهوية الوطنية الجامعة، وخلطت بين الشعائر الدينية ومشروعها السياسي لتكريس الولاء لزعيمها كواجب ديني مفروض.

اليوم، وبعد أحد عشر عاماً من النكبة، يستعيد اليمنيون ما ترتب عليها من خراب وفوضى وجرائم، ويؤكدون أن 21 سبتمبر لم يكن سوى انتقام من ثورة 26 سبتمبر 1962 التي قضت على حكم الإمامة، لكنهم يرون أيضاً أن فجر الثورة سيظل حياً في وجدانهم، وأن إرادة الشعب لن تسمح بطمس مكتسبات الجمهورية.