أزمة الغاز في عدن تُكمل شهرها الأول وسط انسداد أفق انفراجها وسعر الأسطوانة يقفز إلى 15 ألف ريال

تشارف أزمة مادة الغاز المحتدمة في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن والمحافظات المجاورة على إكمال شهرها الأول، في ظل انسداد أفق أي انفراجة وشيكة، رغم تدفّق كميات محدودة من المادة بين الحين والآخر، وسط اتهامات محلية بافتعال الأزمة.

وأفادت مصادر اقتصادية، اليوم الاثنين 22 ديسمبر/كانون الأول 2025، أن الأزمة التي انفجرت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لا تزال في ذروتها، حيث يتراوح سعر أسطوانة الغاز سعة 20 لتراً بين 13 و15 ألف ريال، نتيجة شحّ المعروض في محطات البيع التجارية، بحسب إفادات مالكي تلك المحطات.

وأضافت المصادر لوكالة "خبر" أن الأزمة، التي أُرجعت في بداياتها إلى قطاعات قبلية مسلحة في محافظتي أبين ومأرب منعت عبور ناقلات محمّلة بالغاز، بدأت تتخذ مساراً آخر ذي دلالات سياسية، لا سيما بعد إعلان الشركة اليمنية للغاز خلال الأيام الماضية عن تدفّق كميات كبيرة من المادة إلى محطات البيع، وهو ما أكده شهود عيان محليون. غير أن تلك الكميات ما تزال غير واضحة من حيث كفايتها لتغطية احتياجات السوق.

ويؤكد مواطنون ومالكو مركبات تعمل بالغاز، الذين يقفون في طوابير طويلة تتجاوز في كثير من الأحيان 24 ساعة، أن المحطات تفتح لساعات محدودة ثم تغلق أبوابها، غير مكترثة بأوضاع المواطنين والسائقين الذين يُتركون على قوائم الانتظار إلى أجل غير معلوم.

ويتحمّل المواطنون والسائقون أعباءً اقتصادية إضافية جرّاء فترات الانتظار الطويلة، تشمل نفقات الطعام والشراب، تُضاف إلى سعر الأسطوانة المرتفع، الذي قفز إلى ما بين 13 و15 ألف ريال، مقارنة بالسعر السابق البالغ 8500 ريال، وهي تسعيرة أقرّها مالكو المحطات التجارية بالمخالفة للتسعيرة الرسمية التي حددتها الشركة اليمنية للغاز عند 6500 ريال فقط، إلا أنهم تمكنوا من فرضها مستفيدين من هشاشة الأجهزة الرقابية الحكومية.

سوق سوداء

وفي السياق ذاته، أفاد سائقو حافلات الأجرة في عدن بأن المئات منهم يضطرون يومياً لقطع مسافات تتجاوز 50 كيلومتراً إلى مناطق في شمال محافظة لحج، الواقعة شمالي عدن، للتزود بمادة الغاز وبأسعار مرتفعة أيضاً، حتى يتمكنوا من مواصلة العمل وإعالة أسرهم، في ظل عجز المحطات داخل المدينة عن تغطية الأعداد الكبيرة المنتظرة في الطوابير.

من جانبهم، أكد سكان محليون لـ"خبر" أن الحصول على غاز الطهي بات مهمة بالغة التعقيد، مطالبين الجهات الحكومية المختصة بإلزام محطات البيع بتخصيص خطوط مستقلة لتعبئة أسطوانات الغاز المنزلي، بعيداً عن طوابير الحافلات، لتلبية احتياجات المنازل والمطاعم والأفران والمخابز ومحال الوجبات، مع تشديد الرقابة على تلك الجهات للحد من استغلال المواطنين عبر السوق السوداء.

وتتراكم هذه الأعباء على كاهل المواطن، الذي يعاني أساساً من تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية جراء الانهيار المستمر للعملة المحلية وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، منذ اندلاع الحرب في البلاد عقب انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية في سبتمبر/أيلول 2014.

صمت حكومي 

وكانت أعلنت الشركة اليمنية للغاز خلال الأيام الماضية تسيير 461 مقطورة غاز لتغطية احتياجات عدن وعدد من المحافظات المحررة، ومعالجة النقص الحاصل في مادة الغاز، إلا أنها الكمية التي لم تخفف من حدة الأزمة.

وكشف مصدر مسؤول بالشركة، مطلع الشهر الماضي، أن أزمة الغاز ناجمة عن قطاعات قبلية مسلحة في منطقتي الأحمر بأبين و"مَنْع" بمأرب، بدأت في 27 و28 نوفمبر الماضي، مما تسبب بتوقف حركة ناقلات الغاز، وأحدث اضطراباً في السوق ودفع ملاك المحطات لاستغلال الوضع. 

وأشار المصدر إلى تنفيذ ستة قطاعات مماثلة استهدفت ناقلات الغاز بين 5 و28 نوفمبر في عدة مناطق بمأرب وأبين.

وفيما لم تكشف وزارة النفط في الحكومة المعترف بها دولياً عن موعد انتهاء الأزمة، تلتزم وزارتا الدفاع والداخلية الصمت، دون مصارحة الرأي العام بمستجدات التداعيات الأمنية التي تهدد عبور ناقلات الغاز، رغم أن ذلك يندرج ضمن مسؤولياتهما الرئيسية.