في اليوم العالمي للمعلم.. مليشيا الحوثي تواصل اختطاف 350 معلماً وحرمان عشرات الآلاف من الرواتب منذ تسع سنوات

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمعلم، في الخامس من أكتوبر من كل عام، يرزح آلاف المعلمين اليمنيين تحت وطأة القمع والحرمان في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، التي حوّلت المدارس إلى ساحات تعبئة فكرية ومراكز تجنيد، وقطعت رواتب المعلمين منذ تسع سنوات، واعتقلت المئات منهم في سجونها بتهم واهية.

وقالت نقابة المعلمين اليمنيين في بيان لها، إن مليشيا الحوثي ما تزال تختطف أكثر من 350 معلماً في سجونها، يتعرضون لشتى صنوف الانتهاكات النفسية والجسدية، والحرمان من أبسط حقوقهم القانونية والإنسانية، فيما يعيش عشرات الآلاف من زملائهم دون رواتب منذ عام 2016، ما أدى إلى انهيار أوضاعهم المعيشية وتدهور مستوى التعليم في البلاد.

وأكدت النقابة أن سياسات الحوثيين تجاه المعلمين تمثل استهدافاً ممنهجاً لقطاع التعليم، الرافعة الأساسية لبناء الأجيال، مشيرة إلى أن الجماعة تسعى من خلال القمع والترهيب إلى تطويع المعلمين وفرض فكرها الطائفي داخل المدارس.

وأوضح البيان أن مليشيا الحوثي تواصل فرض مناهج دراسية محوّرة تتضمن أفكاراً وشعارات طائفية تخدم أجندتها السياسية، إلى جانب تنظيمها دورات طائفية إلزامية للمعلمين والطلاب، ما يمثل انتهاكاً صارخاً للقيم الوطنية ولمبادئ التعليم المدني.

انتهاكات جسيمة منذ 2014

وبحسب تقارير سابقة لنقابة المعلمين اليمنيين، فقد أسفرت انتهاكات الحوثيين بحق الكوادر التربوية منذ انقلابهم عام 2014 عن مقتل وإصابة أكثر من 3500 معلم، إلى جانب مئات حالات الإخفاء القسري والفصل التعسفي والإقصاء من الوظائف العامة، فيما جرى استبدال العديد من المعلمين الرسميين بعناصر موالية للجماعة تحت مسمى "المجاهدين التربويين".

كما أغلقت المليشيا عشرات المدارس الحكومية، وحوّلت بعضها إلى ثكنات عسكرية ومستودعات أسلحة، في حين تم استغلال المدارس الأخرى لعقد فعاليات تعبئة فكرية واستقطاب طلاب المدارس إلى الجبهات القتالية.

حرمان متعمد وتجويع منظم

وتتهم النقابة مليشيا الحوثي بنهب إيرادات الدولة العامة والموارد المخصصة للمرتبات، واستخدامها في تمويل حربها المستمرة، بينما يعيش المعلمون في ظروف قاسية دفعت كثيرين منهم إلى ترك التعليم والبحث عن أعمال بديلة لتأمين لقمة العيش.

وتشير تقديرات المنظمات الدولية إلى أن أكثر من 70% من المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين لم يتلقوا رواتبهم منذ 2016، وأن آلاف المدارس تعمل اليوم بإمكانيات محدودة للغاية، ما يهدد بانهيار المنظومة التعليمية وحرمان جيل كامل من حقه في التعليم.

دعوات للتحرك الدولي

ودعت نقابة المعلمين المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية إلى التحرك الجاد والضغط على مليشيا الحوثي للإفراج الفوري عن جميع المعلمين المختطفين، وضمان صرف مرتباتهم بانتظام، وإنهاء ما وصفته بـ"السياسات الإجرامية الممنهجة ضد التعليم والمعلمين في اليمن".

كما طالبت النقابة الحكومة الشرعية والتحالف العربي بتحمل مسؤولياتهم تجاه الكوادر التربوية، والبحث عن حلول عاجلة لصرف المرتبات في جميع المناطق، باعتبار التعليم قضية وطنية لا تحتمل التجاذبات السياسية.

كارثة تربوية تهدد المستقبل

ويرى تربويون أن استمرار هذه الانتهاكات سيؤدي إلى انهيار غير مسبوق في مستوى التعليم العام، خاصة مع تفشي ظاهرة الأمية وتسرب الطلاب من المدارس، وتحويل التعليم إلى وسيلة لفرض أيديولوجيا طائفية مدمرة.

ويؤكد مراقبون أن ما يتعرض له المعلمون في مناطق سيطرة الحوثيين يمثل جريمة ضد الإنسانية وانتهاكاً فاضحاً لحق التعليم المكفول دولياً، داعين إلى إدراج الانتهاكات الحوثية ضمن ملفات المساءلة الدولية وملاحقة مرتكبيها أمام المحاكم المختصة.

وفي ختام بيانها، شددت نقابة المعلمين اليمنيين على أن صوت المعلم لن يُكمم، وأن التعليم سيظل ركيزة النهوض اليمني رغم القهر والتجويع، مؤكدة أن تضحيات المعلمين ستبقى نبراساً لبناء جيل جمهوري يؤمن بالعلم والحرية والمواطنة المتساوية.