الاستغلال الرخيص لقضية الشهيدة افتهان المشهري
في الوقت الذي لا تزال فيه مدينة تعز تعاني من ويلات الانفلات الأمني وغياب مؤسسات الدولة، جاء اغتيال الشهيدة افتهان المشهري ليكون صدمة موجعة لكل أبناء المحافظة واليمن عموماً. جريمة مروعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جريمة لا تحتاج إلى كثير من التحليل السياسي أو التفسيرات المؤدلجة، لأنها ببساطة جريمة جنائية بحتة، تعكس بوضوح حالة الانهيار الأمني الذي تعيشه المدينة، ولا علاقة لها بأي صراع سياسي أو انتماء مناطقي أو حزبي.
وبرغم وضوح معالم الجريمة، خرجت علينا بعض الأصوات النشاز ممن يصفون أنفسهم زوراً بأنهم سياسيون أو إعلاميون، ليحولوا هذه الجريمة إلى مادة للمتاجرة السياسية والمكايدة الإعلامية. تحاول هذه الفئة، وبأسلوب رخيص ومخزٍ، تحريف الحقائق وتحويل مسار القضية من قضية أمن وعدالة، إلى صراع سياسي أو مناطقي، في محاولة لتصفية حسابات لا علاقة لها بالقضية من قريب أو بعيد.
إن ما يمارسه هؤلاء لا يمكن وصفه إلا بـالانحراف الأخلاقي والمهني، فهم لا ينطلقون من حرص على الحقيقة أو العدالة، بل من رغبة في إثارة الفتن وتوسيع فجوة الانقسام بين أبناء المحافظة الواحدة. ويبدو جلياً أنهم غير معنيين بتحقيق العدالة بقدر ما يهمهم الترويج لأجندتهم المريضة على حساب دماء الضحايا.
لكنَّ هؤلاء المتسلقين لا يدركون أن الشارع التعزي واليمني بات أذكى من أن تنطلي عليه مثل هذه المحاولات الرخيصة. المواطن البسيط يدرك تماماً أن القاتل الحقيقي هو الانفلات الأمني، وأن الضحية هي كل إنسان بريء يعيش في هذه الفوضى دون حماية، بغض النظر عن اسمه أو منطقته أو خلفيته.
أما أولئك الذين يسعون إلى شيطنة مناطق بأكملها، أو توجيه التهم إلى مكونات اجتماعية أو سياسية دون دليل، فعليهم أن يعلموا أن خطابهم هذا لن يخدم إلا أعداء الأمن والاستقرار، سواءً داخل تعز أو خارجها.
إن دم الشهيدة افتهان المشهري ودماء كل الأبرياء في تعز ليست سلعة تُباع في سوق السياسة، ولا لافتة يُزايد بها في وسائل الإعلام. هي أمانة في أعناق الجميع، وعلى المجتمع أن يطالب بالعدالة بعيداً عن الخطابات التحريضية أو التوظيف السياسي المشين.
ختاماً، نقول لهؤلاء، توقفوا عن المتاجرة بدماء الشهداء. عودوا إلى ضمائركم إن تبقى منها شيء، ودعوا القضاء يأخذ مجراه. فالحقيقة لا تحتاج إلى مكبرات صوت كاذبة، بل تحتاج إلى ضمير حي وعدالة حقيقية.