تنافع الأضداد: إسرائيل والحوثيون لعبة على حساب العرب

صلاح الطاهري 

حين نتأمل المشهد الإقليمي بتجرد، لا يسعنا إلا أن نرى حجم المفارقة المدهشة في العلاقة بين إسرائيل والحوثيين. 

فهذان الخصمان اللدودان في الظاهر، يبدوان في العمق وكأنهما يتحركان على مسرح واحد، يتبادلان الأدوار لا أكثر. الحوثي يرفع الشعارات “الموت لإسرائيل" في كل مناسبة، فيما إسرائيل ترد بتهديدات وضربات محسوبة، وكلاهما، بشكل أو بآخر، يخرج رابحاً من هذه المعركة المسرحية، بينما الخاسر الحقيقي هو اليمن والمنطقة العربية بأسرها.

الحوثي الذي دمر الدولة اليمنية وأرهق المجتمع، يبحث في معركته مع إسرائيل عن غطاء يبرر سلطته وبطشه، فيلبس عباءة “المقاومة” ليخفي حقيقته كأداة طائفية تابعة لإيران.

 أما إسرائيل، فهي تستغل هذه الاستعراضات لتُشرعن وجودها العسكري في البحر الأحمر وباب المندب، بذريعة حماية الملاحة الدولية من تهديدات الحوثيين. وهكذا يجد كل طرف عدوه المفترض وسيلة للبقاء وتمديد النفوذ.

إن التنافع بين الطرفين واضح للعيان، فالحوثي يحتاج إلى عدو خارجي يبرر به قمعه للداخل، وإسرائيل تحتاج إلى ذريعة تُقنع بها الغرب بضرورة حضورها الأمني في أهم ممرات التجارة العالمية. 

وما بين هذا وذاك، تدفع الشعوب العربية الثمن غالياً مزيداً من الحصار، مزيداً من الفقر، ومزيداً من استباحة السيادة.

بصفتي عربياً ويمنياً، لا أرى في هذا الصراع سوى مسرحية مكشوفة.

 نعم، قد يتقاتل الطرفان هنا أو هناك، لكن الجوهر لا يتغير كلاهما يعيد إنتاج الآخر في صورة “الخطر” الذي لا غنى عنه للبقاء. 

الحوثي بلا إسرائيل مجرد جماعة انقلابية معزولة، وإسرائيل بلا الحوثي تجد صعوبة في تبرير وجودها العسكري المتنامي في المنطقة.

لقد آن الأوان أن نُدرك أن هذا الاشتباك المزعوم ليس معركتنا. معركتنا الحقيقية هي ضد المشاريع التي تفتت أوطاننا وتنهب مواردنا وتحولنا إلى أدوات في صراعات الآخرين. إن رفع شعار الموت لإسرائيل من فم الحوثي لا يحرر فلسطين، كما أن ذريعة حماية الملاحة من فم إسرائيل لا تحمي العرب. 

ما يحدث ليس سوى صفقة غير معلنة، عنوانها: نربح معاً على حساب العرب.