التحسن في سعر صرف العملة اليمنية.. إنجاز وطني ناقص التنفيذ

مطيع سعيد المخلافي

يمثل التحسن الذي تحقق في سعر صرف العملة اليمنية خلال الفترة الأخيرة إنجازاً وطنياً يُحسب لقيادة البنك المركزي اليمني برئاسة الأستاذ أحمد غالب المعبقي، وقيادة الحكومة الشرعية برئاسة الدكتور سالم بن بريك. فقد استطاعت هذه القيادة، من مقرها في العاصمة المؤقتة عدن، أن تضع حداً لانهيار الريال اليمني وتُعيد شيئاً من التوازن إلى السياسة النقدية بعد سنوات من التدهور المستمر.

وبنسبة تحسن تُقدّر بـ 43% في قيمة العملة الوطنية، فإن هذا التقدم يعد انتصاراً اقتصادياً في معركة شرسة ضد الانهيار المالي الذي كاد أن يعصف ببقايا المنظومة الاقتصادية للبلاد. كما أن هذا الإنجاز شكل ضربة موجعة لاقتصاد ميليشيات الحوثي، إذ ضيّق الخناق على مصادر تمويلها من المضاربة بالعملة، والتحويلات، والفروق الكبيرة بين أسعار الصرف في مناطق الشرعية والمليشيات.

لكن، وللأسف الشديد، فإن هذا التحسن في سعر صرف العملة لم يُترجم إلى تحسن فعلي في حياة المواطنين في مناطق الحكومة الشرعية، بل على العكس من ذلك، تسبّب في مضاعفة الأعباء عليهم. فلم تقابل نسبة التحسن في سعر الصرف انخفاضاً مماثلًا في أسعار السلع الأساسية والكمالية، ما جعل المواطنين يدفعون أثماناً باهظة في ظل ثبات الأسعار وغياب الرقابة الفعلية على الأسواق.

لقد فشلت الحكومة والبنك المركزي في إلزام التجار بخفض الأسعار بما يتناسب مع التحسن في سعر الصرف، ما فتح الباب أمام التجار لمضاعفة أرباحهم على حساب المواطن البسيط. وبات المواطن يدفع نفس الأسعار السابقة، رغم تحسن العملة، مما يعني زيادة غير مبررة في هامش ربح التاجر وارتفاع في تكلفة المعيشة.

وبالإضافة إلى ذلك، أخفقت الحكومة في فرض الانضباط المالي على السلطات المحلية في المحافظات المحررة، والتي لا تزال تُمانع في توريد الموارد إلى خزينة البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن. كما لم تُحقق الحكومة أي تقدم ملموس في ضبط المضاربين بالعملة، الذين ما يزالون يتحكمون بسوق الصرف ويفرضون واقعاً اقتصادياً مغايراً لكل الجهود الرسمية.

إن ما يحدث اليوم هو إصلاح اقتصادي على الورق فقط، يفتقر إلى الإرادة الحقيقية للمتابعة والتنفيذ. وإذا لم تُتخذ خطوات فورية لإجبار السلطات المحلية على توريد الإيرادات، وفرض رقابة صارمة على الأسواق، وضبط المضاربين، فإن هذه النجاحات ستتحول إلى عبء جديد على كاهل المواطن بدل أن تكون بارقة أمل. وعليه، فإننا نطالب قيادة الحكومة الشرعية والبنك المركزي اليمني بإلزام السلطات المحلية في المحافظات المحررة بتوريد كافة الموارد إلى البنك المركزي بعدن.

وفرض رقابة شديدة على التجار ومستوردي السلع، وإلزامهم بتخفيض الأسعار بما يتناسب مع التحسن الحاصل في سعر العملة.

واتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد المضاربين بالعملة، والجهات غير الملتزمة بتعليمات البنك المركزي والحكومة.

وتوسيع الحملات الإعلامية والتوعوية لفضح كل من يعرقل هذه الإصلاحات أو يستغلها لمصالح شخصية أو حزبية.

فإن كانت الحكومة قادرة على إنفاذ هذه الإجراءات، فإن الشعب سيكون سنداً وداعماً لها. أما إن كانت عاجزة عن تطبيق الإصلاحات وتحقيق العدالة الاقتصادية، فلا مبرر للاستمرار في إجراءات ظاهرها الإصلاح وباطنها زيادة معاناة المواطنين.