عبدالله إسماعيل: صانع الحلوى.. محمد المحلوي الأب الروحي للثورة اليمنية
عبدالله اسماعيل
محمد عبدالله المحلوي
قبسُ الحرية الأول...
وأولُ شهداء النضال الحديث.
صانع الحلوى... وصانع الوعي.
التنويري الصلب، الذي أدرك أن معركة اليمنيين الكبرى تبدأ من معركة الوعي.
واجه الإمامة الزيدية، ولم يكن مجرد صوتٍ في وجه الطغيان،
بل كان عقلًا مشاغبًا في زمن الجهل المفروض.
فهم مبكرًا أن الجهل سياسة إمامية زيدية ممنهجة:
تُغلق باب النقد، وتُقدّس الحاكم، وتُكفّر العقل.
فخاض معركته في أوكار الخرافة،
وانتصر بالكلمة، والحجة، والمنطق.
عمل في بيع الحلوى،
وكان دكّانه البسيط في أحد أزقة صنعاء القديمة،
منبرًا صغيرًا للتنوير.
كان الأطفال يلتفون حوله،
فيعطيهم الحلوى... ويمنحهم المعلومة،
يحكي لهم عن اليمن، عن الظلم، وعن الحرية،
بلغة يفهمونها، وبابتسامة لا تفارقه.
في دكان الحلاق علي الكوكباني،
وعلى مقائل السنيدار،
وفي السوق، وفي المسجد،
كان يُفجّر الأسئلة ويزعزع المسلمات،
ويزرع التنوير
نقد الموروث، وفضح خرافة "الآل"، ورفض الغلو،
فجاء الاتهام الامامي الجاهز: "بغض علي"، "حب معاوية"
وسموه "درْدع"... يهودي!
شارك في استكمال المسار الذي بدأه:
الشوكاني، والمقبلي، والهمداني، ونشوان، والفقيه سعيد...
فانتزع الفكر من سطوة السلالة إلى فضاء العقل.
قالها بوضوح:
"لا تصدقوا أن اليمن ليس فيها نوابغ...
لكنهم يُعدّون بالأصابع... وهم الأحرار الذين لا يتقيدون بمذهب."
نسج علاقات فكرية ووطنية مع رموز التنوير:
أحمد المطاع، حسن الدعيس، العزي السنيدار، عبدالله العزب، عبدالله الثور...
وتحوّل مجلسهم إلى بؤرة إشعاع أزعجت الكاهن،
حتى وصفهم بـ"الفقاعسة المشاغبين".
فأرسل إليهم الجواسيس...
ثم القيود.
في 20 مايو 1936، اعتُقل المحلوي ورفاقه بتهم ملفقة:
"اختصار القرآن"، "سبّ آل البيت"، "العمالة للإنجليز"!
رفض الاستبداد جهارًا، وواجه الكاهن يحيى،
وكشف مظالمه،
رفض الخروج المشروط بالنفي.
خرج مريضًا... وجسدًا أنهكه القيد،
لكن رافع الرأس...
ثم مات شهيدًا في العام 1936م.
وكان أول شهداء التنوير في سجون الكاهن يحيى بدر الدين.
رحل المحلوي... لكن أفكاره لم ترحل.
لا تزال كلماته توقظ،
ولا تزال شعلته مضيئة.
محمد عبدالله المحلوي.
شهيد التنوير...
في زمنٍ كان فيه الفكرُ جريمة.