المؤتمر الشعبي العام.. 43 عامًا من الحضور الوطني والتحديات المستمرة

تحل اليوم الذكرى الثالثة والأربعون لتأسيس المؤتمر الشعبي العام، الحزب السياسي الذي وُلد في 24 أغسطس 1982م كأول تنظيم وطني جامع استطاع أن يضم مختلف القوى والاتجاهات تحت مظلة واحدة، رافعًا شعار "الوطن أولًا"، ومشكّلًا منذ نشأته حجر الزاوية في الحياة السياسية اليمنية الحديثة.

ميلاد في لحظة فارقة

جاء تأسيس المؤتمر الشعبي العام في مرحلة تاريخية حرجة من مسار اليمن، حيث كانت البلاد بحاجة ماسة إلى كيان سياسي جامع يوحّد الرؤى ويستوعب التباينات الفكرية والسياسية. فكان المؤتمر بمثابة البيت الكبير لليمنيين، والمدرسة الوطنية التي خرّجت كوادر وقيادات لعبت أدوارًا محورية في بناء الدولة الحديثة والدفاع عن ثوابتها الوطنية.

إنجازات وطنية بارزة

على مدى أكثر من أربعة عقود، لم يكن المؤتمر حزبًا تقليديًا، بل مشروعًا وطنيًا متكاملًا. ويُحسب له الإسهام في تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، وإرساء التعددية السياسية، وفتح المجال أمام الديمقراطية والمشاركة الشعبية. كما كان رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومؤطرًا لمشاريع بناء الدولة المدنية ومؤسساتها الدستورية.

وتظل هذه الإنجازات ـ وفق مراقبين ـ حاضرة في ذاكرة اليمنيين باعتبارها محطات مفصلية شكّلت هوية اليمن السياسي الحديث، ورسّخت قيم الجمهورية والمواطنة والعدالة الاجتماعية.

صمود أمام التحديات

ورغم ما مرّ به من تحديات جسام وصراعات داخلية ومحاولات إضعاف، ظل المؤتمر الشعبي العام محافظًا على موقعه في الخارطة السياسية، ومتماسكًا في بنيته التنظيمية، ومنحازًا في مواقفه الوطنية إلى صف الجمهورية والديمقراطية والحرية.

ويرى محللون أن المؤتمر استطاع البقاء كقوة سياسية رئيسية بفضل طبيعته الجامعة، وارتباطه العميق بالوجدان الشعبي، فضلًا عن مرونته في التعامل مع المتغيرات دون التفريط بمبادئه.

ذكرى مرتبطة بالتضحية

وتكتسب ذكرى هذا العام خصوصية إضافية لارتباطها بالعام الثامن على رحيل مؤسس الحزب، الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والأمين العام الشهيد عارف الزوكا، اللذين قدّما حياتهما في ديسمبر 2017م في مواجهة مليشيا الحوثي.

ويؤكد قياديون في المؤتمر أن "رحيل الزعيم صالح جسدًا لم يُنهِ حضوره الرمزي والفكري"، مشيرين إلى أن منجزاته ومبادئه الوطنية ستظل نبراسًا لمسيرة الحزب والأجيال القادمة.

المؤتمر اليوم: حزب الوطن والمستقبل

وبرغم الظروف العاصفة التي يمر بها اليمن، يواصل المؤتمر الشعبي العام إحياء دوره كحزب جماهيري واسع، ملتزم بخيار الدولة المدنية العادلة، ومتمسك بمسيرته الوطنية. ويؤكد قياداته أن الحزب سيظل "صمام أمان للوطن"، وحامل راية النضال الجمهوري، والملاذ السياسي لكل الأحرار الذين يؤمنون بالحرية والعدالة والمساواة.