وكالة أمريكية تكشف: الحوثيون جنّدوا 18 ألف طفل يمني للقتال معهم

كشفت وكالة "أسوشيتد برس" في تحقيق مطول، نشرته الأربعاء عن جرائم جديدة لجماعة الحوثيين في اليمن، وذلك بعد أن التقت بعدد من العناصر القتالية من الأطفال الذين تم تجنيدهم من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في اليمن.

والتقت الوكالة الأمريكية بطفل يبلغ من العمر 13 عاماً، كان ضمن العناصر المُجندة من قبل الحوثيين بعد أن تعرض لعمليات "غسيل مخ" ممنهجة في اليمن.

وبروح الطفل وعقليته، تحدث محمد عن عمليات التعذيب الوحشية التي يقوم بها الحوثيون ضد أعدائهم من الشعب اليمني، متفاخراً بما وصفه بـ"عدم الرحمة".

وأشار محمد، الذي شارك ضمن صفوف الحوثيين لأكثر من عامين، إلى أنه "عذب وقتل العديد من الأشخاص"، قائلًا: "لا أهتم بما إذا كنت سأموت أو أعيش".

ولفت محمد إلى السوار المعقود حول معصمه، والذي سوف يشير إلى هويته إذا ما قتل في المواجهات العسكرية التي يخوضها الحوثيون، مؤكداً أنه "ينتظر اليوم الذي يعود فيه إلى أهله في تابوت موضوع عليه صورته".

وأضاف الطفل محمد: "عندما أصبح شهيداً، يدخلون رقم هاتفي في الكمبيوتر، ويسترجعون صورتي واسمي، ثم يطبعونها باسم الشهيد.. سيتم لصقها على غطاء تابوتي للعودة إلى عائلتي".

وكان محمد من بين 18 طفلاً جندياً سابقاً أجرت معهم وكالة أسوشيتد برس مقابلات، كشفوا، دون قصد أو كذب، جرائم الحوثيين، خاصة فيما يتعلق بتجنيد الأطفال في ساحات القتال وهم لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.

وكشفت وكالة استوشيد برس، عن قيام الحوثيين بتجنيد 18.000 طفل في صفوفهم منذ بداية الحرب في عام 2014 بحسب ما اعترف به مسؤول عسكري كبير في جماعة الحوثي للوكالة مشترطاً عدم الكشف عن هويته، نظراً لحساسية المعلومات.

وأوضحت الوكالة أن هذا الرقم أعلى من أي رقم تم الإبلاغ عنه سابقاً، حيث تمكنت الأمم المتحدة من التحقق من 2721 طفلاً تم تجنيدهم للقتال من قبل جميع أطراف النزاع، وكانت الغالبية العظمى من الحوثيين.

وقال رياض، يبلغ من العمر 13 عاماً: إن نصف المقاتلين الذين خدم معهم في الخطوط الأمامية في منطقة "صرواح" الجبلية في اليمن كانوا من الأطفال، مؤكداً أن ضباط المتمردين أمروهم بالمضي قدماً خلال المعارك، حتى مع تصاعد طائرات التحالف في سماء المنطقة.

وقال إنه ناشد قائده أن يتجنب الأطفال تلك الغارات الجوية، غير أن رد قائده كان دوماً "أتباع الله، يجب أن تهاجموا!".

وقد تم إرسال عدد غير معروف من الجنود الأطفال إلى منازلهم في توابيت، كما كشفت التقارير أن أكثر من 6000 طفل قُتلوا أو تعرضوا للتشويه في اليمن منذ بداية الحرب، حسبما أفادت اليونيسف في أكتوبر.

ونقلت الوكالة شهادات عن بعض الأطفال قولهم "إنهم انضموا إلى المتمردين وذلك بسبب الوعود بالمال أو بالفرصة لحمل السلاح، بينما آخرون وصفوا بأنهم مجبرون على خدمة الحوثيين وتم اختطافهم من المدارس أو المنازل أو أكرهوا على الانضمام مقابل إطلاق سراح أحد أفراد العائلة من المعتقل".

وأوضح الطفل رياض –13 عاماً– إن نصف المقاتلين الذين خدم معهم في الخطوط الأمامية في منطقة "صرواح" الجبلية في اليمن كانوا من الأطفال.

ولفت إلى أن ضباط المتمردين أمروهم بالمضي قدما خلال المعارك، حتى مع تصاعد طائرات التحالف في سماء المنطقة.

وقال مدرس سابق من مدينة ذمار للوكالة إن ما لا يقل عن 14 تلميذا من مدرسته تم تجنيدهم ثم ماتوا في المعركة. تم وضع صورهم على مقاعد الصفوف الفارغة في عام 2016 خلال أسبوع الشهيد، الذي يحتفل به الحوثيون كل عام في فبراير. وقال إن معظمهم من طلاب الصف الخامس والسادس. وأكد مسؤول في وزارة التعليم بذمار رواية المدرس. وتحدث الاثنان شريطة عدم الكشف عن هويتهما بسبب الخوف من العقاب.

وقال نجيب السعدي، ناشط يمني في مجال حقوق الإنسان أسس مركزا استشاريا تموله السعودية في مأرب لمجندي الأطفال، "إن المشكلة الحقيقية مع تجنيد الأطفال الحوثيين ستشعر بها خلال 10 سنوات - عندما يكون هناك جيل تم غسل دماغه بالكراهية والعداوة تجاه الغرب".

"حرب وقودها الأطفال"

وتقول الوكالة إن كبار المسؤولين الحوثيين يثنون على الجنود الأطفال والشباب الذين ماتوا في صراع وصفوه بأنه "حرب مقدسة ضد أمريكا وإسرائيل وغيرها من القوى الخارجية" التي يعتقدون أنها تحاول السيطرة على البلاد.

في ظل وزارة الدفاع التي يسيطر عليها الحوثيون، اتبع المتمردون ما يسمونه "حملة تطوعية وطنية".

لكن الأطفال والآباء والمربين والأخصائيين الاجتماعيين وغيرهم من اليمنيين الذين قابلتهم وكالة الأسوشييتد برس وصفوا سياسة الحوثيين تجاه تجنيد الاطفال بانها "حملة عدوانية تستهدف الأطفال، وليست دائماً طوعية بالكامل".

وتوضح الوكالة أن المسؤولين الحوثيين يستغلون وصولهم إلى هيئة السجل المدني والسجلات الأخرى لجمع البيانات التي تسمح لهم بتضييق نطاق قائمتهم المستهدفة من الأسر الأكثر احتياجا في القرى ومعسكرات النازحين - وأولئك الأكثر احتمالا لقبول عروض نقدية مقابل التجنيد.

وفي صنعاء، العاصمة اليمنية، يقوم الحوثيون بـ"طرق ابواب المنازل لإخبار الآباء بأنه يجب عليهم إما تسليم أبنائهم للجبهات أو دفع مال مقابل المجهود الحربي"، بحسب ما قاله السكان للوكالة.

وقال صبي يبلغ من العمر 13 عاماً ويدعى صالح لاسوشييتد برس، إن ميليشيا الحوثيين اقتحموا منزل عائلته في منطقة بني مطر شمال صنعاء صباح يوم سبت وطالبوا هو ووالده بزيارتهما إلى الخطوط الأمامية. وقال إن والده قال لهم: "ليس أنا وابني"، ثم رفع بندقيته عليهم. ويتذكر الصبي: "لقد سحبوه بعيداً، وسمعت الرصاص، ثم انهار والدي ميتا".

وقال صالح إن رجال الميليشيا أخذوه معهم وأجبروه على أداء واجب الحراسة في نقطة تفتيش لمدة 12 ساعة في اليوم.

ولا يسمح لوكالات الإغاثة الدولية العاملة في برامج حماية الطفل في شمال اليمن بمناقشة استخدام الجنود الأطفال، خشية أن يمنع الحوثيون وكالاتهم من إيصال المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها المليشيا، وفقاً لأربعة من عمال الإغاثة الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم. وقال أحدهم "هذا من المحرمات".

وقال عبد الله الحامدي، نائب وزير التعليم السابق الذي انشق في وقت سابق من هذا العام من الحكومة التي يسيطر عليها الحوثيون في الشمال "انهم لا يثيرون القضية".

وقال الحامدي إن الأطفال المستهدفين بالتجنيد ليسوا أبناء عائلات حوثية مهمة أو قادة كبار. بل هم عادة أطفال من قبائل فقيرة يتم استخدامها "كحطب للحريق في هذه الحرب".

أخبر العديد من سكان صنعاء وكالة أسوشييتد بريس بأن الحوثيين يقسمون العاصمة إلى مربعات أمنية، كل مشرف يشرف على مربع يجب أن يفي بحصص متداولة لجلب المجندين الجدد. يجمع معلومات عن العائلات التي تعيش في مربعه من خلال طرق أبواب كل منزل وطلب عدد الأعضاء الذكور وأسمائهم وأعمارهم.

وقال صحفي يمني كان يعمل في منطقة الحوثي بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب مخاطر الحديث عن المتمردين: "يبدو الأمر عشوائياً من الخارج، لكنه في الواقع ليس كذلك". "هناك فرق ذات مهام محددة وبنية واضحة."

في بداية الأمر، يؤكد الحوثيون للعائلات أنه لن يتم تخصيص أبنائهم لمناطق المعارك، ولكن سيتم إرسالهم للعمل خلف الخطوط في نقاط التفتيش على الطرق. لكن وبمجرد أن يسيطر رجال الميليشيات على الأطفال، فإنهم يرسلونهم في كثير من الأحيان إلى معسكرات التلقين والتدريب، ثم الخطوط الأمامية، وفقاً لطفلين قابلتهما وكالة الأسوشييتد برس ومسؤولين من مجموعتين لحماية الأطفال. تحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب المخاوف من أن الحوثيين قد ينتقمون عن طريق منع مجموعاتهم من العمل في اليمن.

الأطفال الذين قابلتهم وكالة أسوشييتد برس قالوا إنهم استهدفوا من قبل المجندين في ملاعب كرة القدم، والمزارع، وخاصة المدارس.

وقال كهلان، البالغ من العمر 12 عاماً، إن رجال ميليشيا الحوثي أخرجوه وعشرين من زملائه في الصف في شاحنة صغيرة، وأخبروهم أنهم سيأخذونهم إلى مكان يحصلون فيه على حقائب مدرسية جديدة.

لكنها كانت كذبة!

وبدلاً من ذلك، وجد الطلاب الأطفال أنفسهم داخل معسكر تدريبي للحصول على تعليمات حول كيفية الاختباء من الضربات الجوية.

"مفتاح الجنة"

عادة ما يتم اختيار المجندين الجدد أولاً إلى "المراكز الثقافية" للدورات الدينية التي تدوم ما يقرب من شهر. يقرأ المعلمون بصوت عالٍ للأطفال من محاضرات مؤسس الحركة الحوثية، حسين بدر الدين الحوثي، الأخ الراحل للزعيم الحالي عبد الملك الحوثي.

المحاضرات، التي يعود تاريخها إلى عام 2002، يتم تعميمها بالصوت والفيديو ثم نسخها في كتيبات تعرف باسم "ملازم".

لقد قيل لهم إنهم ينضمون إلى حرب مقدسة ضد اليهود والمسيحيين والدول العربية التي استسلمت للنفوذ الغربي - وأنه إذا مات الأولاد في القتال، فسوف يذهبون إلى الجنة. ويقوم المدربون بتغذية غضب المجندين بصور وفيديوهات هجمات قوات التحالف التي قتلت مدنيين، بما في ذلك غارة جوية في أغسطس أصابت حافلة مليئة بأطفال المدارس.

وقال محمد، الصبي الذي خدم مع الحوثيين من سن 13 إلى 15 سنة: "عندما تخرج من مركز الثقافة، لا ترغب في العودة إلى المنزل بعد الآن.. بل تريد أن تذهب إلى الجهاد".

ثم يتم إرسال المجندين إلى معسكرات التدريب العسكرية في الجبال، وفقًا للعديد من الأطفال الذين انشقوا عن الحوثيين. وفي الليل، ينامون في خيام أو أكواخ مصنوعة من أغصان الأشجار. بعد يوم، يتعلمون كيف يطلقون الأسلحة ويزرعون المتفجرات ويتفادون الصواريخ التي تطلقها طائرات التحالف.

وبعد أقل من شهر من التدريب في المعسكر، يتم إرسالهم إلى الحرب، ويرتدون الأساور التي من المفترض أن تضمن، إذا ماتوا، أن يُعادوا إلى عائلاتهم ويُكرمون كشهداء.

يطلق الأطفال على النقوش "رقمهم الجهادي". ويصف منتقدو الحوثيين الأساور التي تعلق على الأطفال بأنها "مفتاح الجنة".