أسرى اليمن بين وعود المشاورات ومماطلة الحوثي

تعيش آلاف الأسر اليمنية حالة ترقب مشوبة بالغضب والألم، في انتظار ما ستؤول إليه المشاورات الجارية في العاصمة العُمانية مسقط بين الحكومة الشرعية اليمنية ومليشيا الحوثي الانقلابية، بوساطة عُمانية ورعاية أممية، لبحث ملف الأسرى والمختطفين، أحد أكثر الملفات الإنسانية إلحاحاً في اليمن.

وتعلق أسر الأسرى والمختطفين والمخفين قسرًا آمالاً كبيرة على أن تفضي هذه المشاورات إلى انفراجة حقيقية تُنهي سنوات من المعاناة، عبر الإفراج الكامل وغير المشروط عن جميع السجناء والمحتجزين دون استثناء، باعتبار ذلك استحقاقاً إنسانياً لا يقبل التسويف أو المساومة، وخطوة أولى على طريق سلام حقيقي ينهي الانقلاب ويضع حداً لمسلسل الصراعات والكوارث والأزمات التي أنهكت البلاد.

غير أن الوقائع والتجارب السابقة تفرض قدراً كبيراً من الحذر، إذ أثبتت مليشيات الحوثي مراراً أنها تتعامل مع المشاورات كأداة سياسية لشراء الوقت، وتخفيف الضغوط الدولية، وامتصاص الغضب الشعبي، دون أي التزام جاد بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، مستفيدة من إطالة أمد المفاوضات لإعادة ترتيب صفوفها وتعزيز مكاسبها العسكرية.

ولهذا يرى الكثير من المتابعين أن نتائج المشاورات الحالية قد لا تختلف كثيراً عن سابقاتها التي انتهت إلى الفشل الذريع، نتيجة تهرب المليشيات من تنفيذ مخرجاتها، واعتمادها سياسة المماطلة وافتعال الأعذار الواهية وغير المبررة، في تحدّ صارخ للجهود الأممية، واستخفاف واضح بالمعاناة الإنسانية للأسر اليمنية التي تدفع ثمن هذا التعنت.

ورغم هذا السجل الأسود الحافل بالإخفاقات، لا يزال اليمنيون يعولون على أن تشكل مشاورات مسقط اختباراً حقيقياً للنوايا، وبوابة إنسانية قد تفتح مسار الحل السياسي، شريطة أن تُبنى على التزامات واضحة، وجداول زمنية محددة، وضمانات تنفيذ صارمة لا تقبل الالتفاف أو التسويف.

إن أي نتائج فضفاضة أو بيانات إنشائية لن تكون سوى إعادة إنتاج للفشل، ولن تزيد إلا من فقدان الثقة بالمسار التفاوضي برمته. وعليه، فإن نجاح هذه المشاورات يظل مرهوناً بإرادة دولية حازمة، وبمخرجات ملزمة تتضمن عقوبات قاسية بحق الطرف المعرقل، وتضع حدًا نهائياً لسياسة الابتزاز الإنساني.

فإما أن تكون مسقط محطة إنقاذ حقيقية لأسرى اليمن، وبداية جادة لمسار السلام، أو أن تنضم إلى قائمة طويلة من الفرص الضائعة التي عمقت جراح الوطن وأطالت أمد معاناة أبنائه.