حقوق اليمني المخطوفة في يومها العالمي
في العاشر من ديسمبر، يحتفل العالم بالكرامة الإنسانية والحرية، لكن في اليمن، هذا اليوم يبدو وكأنه مجرد ذكرى على ورق ممزق، يرمز إلى حقوق تُسلب وأرواح تُهدر في صمت قاتل. هنا، حيث تتشابك الجبال الشاهقة بالوديان العميقة، يختلط دوي الموت بصوت الأطفال الذين فقدوا طفولتهم، وصرخات النساء اللواتي يصرن على الصمود رغم الخوف والجوع.
في قري صغيرة ومخيمات نزوح، يقف الأطفال على أطراف الطرق المحاصرة، ينظرون إلى الأفق وكأنهم ينتظرون شيئاً لن يأتي، فقد أُجبروا على ترك مدارسهم، وانتهكت طفولتهم تحت وطأة الحرب.
ألغام الحوثيين المزروعة على الطرقات وعلى أطراف القرى تبتلع الأرواح، تسلب الأقدام والأحلام معاً، وتترك خلفها جرحاً لا يلتئم، وذكريات ستظل تلاحق الناجين إلى الأبد.
المعلمون والموظفون محرومون من رواتبهم، يقفون على خط الفقر واليأس، يفتحون كتبهم ويعودون إلى بيوتهم الفارغة، حاملين آمالًا لم تتحقق، متسائلين كيف يعيشون على كرامتهم إذا كانت حياتهم مجرد انتظار لأجر لم يصل أبداً.
الصحفيون والناشطون والمدنيون يُختطفون في زنازين مليشيات الحوثي، بلا تهم واضحة، بلا محاكم عادلة، وكأن الزمن توقف عند هؤلاء الذين طالهم الظلم، لكنهم لم يتوقفوا عن الحلم بالحرية.
النساء في اليمن يعانين أضعاف المعاناة؛ العنف الممارس ضدهن ليس مجرد قصص تُروى، بل واقع يومي، يسلبهن الأمان ويجبرهن على الصمت، بينما الأطفال يضيعون بين النزوح والحرب، يتشظون بين الأمس واليوم، بين المدرسة والقتال في الجبهات، بين اللعب والحزن.
الطرق بين المحافظات محاصرة أو منقطعة، والطريق إلى العلاج، إلى الحياة، إلى لقمة العيش، أصبح محفوفاً بالمخاطر، وكأن الوطن كله أصبح سجناً مفتوحاً على الفقد والفقدان.
اليمن اليوم، في يوم حقوق الإنسان، يحتاج إلى أكثر من كلمات الشجب والإدانة. يحتاج إلى ضمير عالمي يتحرك، إلى ضغط حقيقي يضع حداً لتجنيد الأطفال، ويعيد الرواتب للمعلمين والموظفين، ويحرر المختطفين، ويحمي النساء والأطفال من عنف لا يعرف الرحمة، ويزيل الألغام التي قتلت وصنعت البؤس في كل طريق ومنفذ وحدود ونقطة تماس.
لكن وسط هذا الظلام، يظل اليمني صامداً.
كل قلب يمني يحمل بصيص أمل، رغم الخراب، رغم الفقد، رغم الألم.
يحمل وعداً بأن لا تُنسى حقوقه، وأن تُستعاد كرامته.
وفي هذا اليوم، لن نرفع شعارات فارغة، بل سنرفع صوت كل طفل ضاع حقه في المدرسة، وكل معلم لم يتلقَى راتبه، وكل مختطف ينتظر الحرية، وكل امرأة تبحث عن أمانها.
حقوق الإنسان في اليمن مخطوفة، لكنها لم تمت.
هي حية في وجدان كل يمني، تنبض بالكرامة، وتصرخ للعدالة، وتنتظر اليوم الذي تُستعاد فيه الحقوق، ويزدهر الوطن من جديد، حيث يصبح العدل حقيقة، والحياة الكريمة لكل إنسان حقاً لا يُسلب.
اليمن يستحق حقوقه، وحق الإنسان في هذا الوطن ليس مجرد شعار يُحتفل به مرة في السنة، بل نضال مستمر، حلم حي، وعهد لا ينتهي بأن لا تُسلب كرامة أحد أبداً.