أحمد علي عبدالله صالح: الثاني من ديسمبر.. شرارة الأحرار، صمود الجمهورية وعهد الكرامة (نص الكلمة)
وجه نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام أحمد علي عبدالله صالح كلمة إلى أبناء الشعب اليمني في داخل الوطن وخارجه بمناسبة الذكرى الثامنة لثورة الثاني من ديسمبر، والمتزامنة مع ذكرى الثلاثين من نوفمبر المجيدة.. فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أودع في قلوب الأحرار نوراً لا ينطفئ، وزرع في صدور الشجعان إصراراً لا يلين..
إخواني وأخواتي... أيها اليمنيون الأحرار في كل مكان
نحتفل اليوم بالذكرى الثامنة لثورة الثاني من ديسمبر، والمتزامنة مع ذكرى الثلاثين من نوفمبر المجيدة.. هاتان المحطتان اللتان تجسدان روح اليمن، وتختصران تاريخاً طويلاً من الكفاح، والإصرار، والإباء، والتمسك بالحرية مهما كانت التضحيات.
إن الثاني من ديسمبر لم يكن مجرد يوم، بل كان صرخة وطن، وانفجار غضب جمهوري خالص في وجه الظلم والطغيان والانقلاب، يوم خرج فيه الشجعان ليقولوا إن اليمن لا يُختطف، وإن الجمهورية لا تُباع، وإن اليمنيين لا يعرفون سوى العزة والكرامة طريقاً، ولا يرضخون لميليشيات ظلامية تحاول تمزيق الوطن وتشويه هويته ونهب حقوق شعبه.
وفي هذا اليوم العظيم، نقف إكباراً وإجلالاً أمام أرواح الشهداء الأبرار.. نقف أمام روح الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح، الرجل الذي عاش للجمهورية، واستشهد وهو يواجه مليشيات الغدر دفاعاً عن الدولة، والحرية، ووحدة اليمن.
ونقف أمام روح الأمين العام، البطل عارف عوض الزوكا، الذي سطر آخر صفحات حياته بشجاعة لا تُنسى، ووفاء نادر، وصمود حتى اللحظة الأخيرة.
ونقف أمام رفاقهما الشهداء الذين ارتقوا بصدور مفتوحة وإيمان لا يهتز، دفاعًا عن وطن يستحق أن نحيا من أجله ونموت في سبيله.
رحم الله الشهداء.. فقد رحلوا وأبقى الله مواقفهم، غابوا وأبقى الله أثرهم، غادروا الدنيا وتركوا فينا شرارة لا تنطفئ شرارة الثورة على الظلم، ونداء الكرامة، وعهد مقاومة الانقلاب حتى النهاية.
إخواني وأخواتي..
إن ثورة الثاني من ديسمبر لم تكن حدثاً عابراً، بل كانت رسالة للأجيال.. رسالة تقول إن اليمنيين حين تجتمع إرادتهم، لا يمكن لأي قوة أن تكسرهم. وإن الوطن حين ينادي.. ينهض الرجال، وتستيقظ الهمم، وتتحول اللحظات الصعبة إلى بداية طريق جديد.
ولذلك، فإن مسؤوليتنا اليوم، ونحن نستذكر ذلك المجد، ألا نكتفي بالاحتفال، وإنما نحمل راية الثورة، ونترجم مبادئها فعلاً على الأرض.
مسؤوليتنا أن نوحد الصف، وأن ندفن الخلافات، وأن نضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار. فلا نصر بلا وحدة.. ولا دولة بلا تماسك.. ولا مستقبل بلا اصطفاف وطني جامع يضم كل اليمنيين في خندق واحد ضد ميليشيا تريد العودة بالوطن إلى العصور المظلمة.
إن المرحلة تتطلب منا إرادة صلبة، وقراراً موحداً ، وعقلاً مفتوحاً، وقلوباً كبيرة تتجاوز الجراح من أجل اليمن.. من أجل استعادة الدولة، وبناء مؤسساتها، وإعادة الاعتبار للهوية اليمنية الجامعة التي أراد الحوثي محوها واستبدالها بثقافة دخيلة لا تشبه اليمن ولا تليق بأبنائه.
يا أبناء اليمن الأحرار..
إن المرحلة العصيبة التي تمر بها بلادنا اليوم تجعل من وحدة الصف ضرورة مصيرية لا تقبل التأجيل. لقد آن الأوان لطي صفحات الخلافات، ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار حزبي أو شخصي أو مناطقي.
إنني أدعو جميع القوى السياسية والاجتماعية إلى فتح صفحة جديدة أساسها المصارحة، والتسامح والشراكة الوطنية الصادقة.
إن وطننا يواجه ميليشيا لا تؤمن بالتعايش، ولا بالديمقراطية، ولا بحق الإنسان، ميليشيا حولت اليمن إلى سجن كبير. تمارس فيه القمع والترهيب والاختطافات ومصادرة الممتلكات، وتفرض الظلام على حياة الناس، وتحارب كل صوت حر وكل رأي مخالف، وتستهدف قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام، كما تستهدف كل أبناء الشعب اليمني بلا استثناء.
ولذلك، فإن الاصطفاف الوطني اليوم ليس خياراً سياسياً، بل فرض واجب، ومسؤولية تاريخية تجاه الوطن والأجيال القادمة.
إخواني وأخواتي..
إن الأمم لا تنهض إلا حين تتكاتف وتتحد وتعمل بروح واحدة.
ففي الوحدة قوة لا تهزم..
وفي الاتحاد عزة وكرامة..
وفي التلاحم الوطني أمن واستقرار..
وفي العمل المشترك ازدهار وتنمية..
ونحن في اليمن بحاجة إلى أن نتعلم ونستفيد ونجعل من وحدتنا الوطنية قاعدة للسلام، ومن اصطفافنا الجمهوري أساساً للكرامة، ومن تعاوننا جسراً لعبور اليمن إلى مستقبل يستحقه.
وفي الأخير لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لكل من أسهموا في الإعداد والتنظيم والمشاركة في إحياء فعالية الثاني من ديسمبر. شكراً لجهودكم... شكراً لوفائكم... شكراً لحرصكم على أن تظل هذه المناسبة شعلة متقدة تذكرنا دائماً بأن اليمن لا يموت... والجمهورية لا تسقط... والحرية لا تُقهر.
رحم الله شهداء الوطن..
النصر لليمن..
والخلود للحرية والكرامة..
وعاشت الجمهورية اليمنية..
أحمد علي عبدالله صالح
نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام