٢ ديسمبر… انتفاضة الجمهورية وذاكرة الشجاعة التي لا تنطفئ
مع اقتراب ذكرى انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017، تعود إلى واجهة المشهد اليمني واحدة من أهم اللحظات الفاصلة في تاريخ الجمهورية، حين قرر رجالٌ استثنائيون كسر الصمت ومواجهة مشروع الانقلاب من قلب العاصمة صنعاء، في خطوة لا يقدم عليها إلا قادةٌ يؤمنون بالدولة والجمهورية والديمقراطية وبمستقبل شعبهم.
في ذلك اليوم، سجّل اليمن واحدة من أبرز صفحات البطولة الوطنية بقيادة الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، صانع الانتفاضة ومفجر شرارتها، الرجل الذي اختار أن يقف إلى جانب الشعب والجمهورية مهما كانت التضحيات. وإلى جواره وقف الشهيد الأمين العام عارف عوض الزوكا، ابن شبوة البار، الذي جسّد معنى الوفاء والشجاعة والثبات، حتى ارتقى شهيداً وهو يقاتل دفاعاً عن القيم الجمهورية التي آمن بها.
ورغم الحصار ومرحلة التمكن التي كانت تعيشها الميليشيا الحوثية داخل صنعاء، فإن الانتفاضة خرجت من قلب العاصمة في تحدٍ واضح لمشروع الفوضى والإمامة، لتؤكد أن اليمن – رغم كل ما مر به – لا يزال قادراً على إنتاج قيادات شجاعةٍ تقف في وجه الظلم وتعيد تعريف معنى التضحية.
لقد شكّلت انتفاضة 2 ديسمبر محطةً مفصلية لكسر وهم القوة الحوثية، وكشفت الانتفاضة أن الميليشيا، رغم قبضتها الأمنية، لم تستطع إسكات الروح الجمهورية.
كما أعادة الاعتبار للبطولة الحقيقية وسجّل صالح والزوكا ورفاقهما موقفاً تاريخياً أثبت أن القائد هو من يتقدم الصفوف، وأن الرجال الأحرار يصنعون الثورات لا من أجل السلطة، بل من أجل الوطن.
كما رسخة الوعي الجمهوري.
وتحوّلت الانتفاضة إلى رمزٍ للمقاومة الوطنية ضد مشروع الإمامة، وإلى دليل على أن اليمنيين يتمسكون بحقهم في دولة مدنية تقوم على الديمقراطية والحرية والعدالة.
اليوم، وبعد سنوات من تلك الملحمة، ما زالت انتفاضة 2 ديسمبر حاضرة بقوة في الوجدان اليمني. فهي لم تكن حدثاً سياسياً عابراً، بل خطاً فاصلاً بين مشروع يستهدف الدولة ومؤسساتها، وبين إرادة شعبٍ يرفض العودة إلى عصور الاستبداد.
إن استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح والأمين العام عارف الزوكا ومجموعة من رفاقهما الأبطال لم يكن نهاية قصة، بل كان بداية لمرحلة جديدة من النضال الوطني، أكدت أن الجمهورية لا تزال حية، وأن دماء رجالها ستظل وقوداً لطريق التحرير واستعادة الدولة.
ستبقى انتفاضة الثاني من ديسمبر شاهداً على أن اليمن، مهما اشتدت المحن، لا يخلو من رجال شجعان يصنعون المواقف الفارقة، وأن صوت الجمهورية سيظل أقوى من كل محاولات الطمس والهيمنة.