معهد واشنطن: تهديدات مليشيا الحوثي للبحر الأحمر مستمرة.. وتفكيك شبكات الإمداد هو المفتاح لوقف الخطر
أكدت الباحثة نعوم ريدان، الزميلة الأقدم في معهد واشنطن والمتخصصة في قضايا الطاقة والشحن البحري بمنطقة الشرق الأوسط، أن التهديدات التي تشكلها مليشيا الحوثي على الملاحة الدولية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة لا تزال حاضرة بقوة، رغم توقف الهجمات منذ نهاية سبتمبر، مشيرة إلى أن هذا التوقف يُرجح أن يكون مؤقتاً ولا يعد نهاية للخطر المستمر على السفن التجارية.
وأوضحت ريدان في تحليل، أن تصريحات قيادات حوثية أظهرت استعداد الجماعة لاستئناف الهجمات في حال تطور العمليات العسكرية في غزة، وهو ما يعيد التذكير بأن الهدوء الحالي لا يُعد ضمانة حقيقية للاستقرار البحري.
كما أن حالة الحذر لا تزال تسيطر على القطاع البحري وقوات التحالف، على غرار ما حدث خلال هدنة غزة في يناير الماضي، لا سيما وأن التهديدات الحوثية طالت المصالح الاقتصادية لدول الخليج، وخصوصاً السعودية بعد استهداف ناقلة قرب ميناء ينبع في أغسطس، وفقاً للباحثة.
وتطرقت الباحثة إلى أن استمرار الخطر البحري لا يرتبط فقط بالجانب العسكري، بل يمتد إلى شبكات الإمداد والتمويل التي تمكّن مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً من الحصول على موارد الطاقة والمواد الاستراتيجية.
وأشارت إلى أن الهجمات الغامضة التي طالت ناقلات يُعتقد أنها تنقل غاز البترول المسال الإيراني للجماعة، توحي بوجود محاولات لتعطيل هذه الشبكات، بالتزامن مع جهود وزارة الخزانة الأميركية لتفكيك شبكات النقل والتمويل المرتبطة بإيران.
ووفقاً لبيانات تجارية حديثة، لا تزال حركة العبور في مضيق باب المندب أقل من مستوياتها في بداية عام 2023، بالرغم من عودة تدريجية لبعض الشركات، بينما تواصل سفن روسية وصينية استخدام البحر الأحمر بكثافة في نقل النفط إلى الأسواق الآسيوية، وسط توجه شركات غربية إلى اتخاذ طرق بديلة عبر رأس الرجاء الصالح، بسبب ارتفاع المخاطر والمخاوف الأمنية.
وسلطت ريدان الضوء على معطيات جديدة تتعلّق بتوسيع مليشيا الحوثيين لنطاق عملياتها، ما يشير إلى قدرة الجماعة على استهداف مناطق أبعد من نطاقها البحري التقليدي، إضافة إلى استمرار استقدام شحنات الوقود الإيراني رغم العقوبات الأمريكية والضربات الجوية على ميناء رأس عيسى.
وفي ختام تحليلها، أكدت الباحثة أن معالجة تهديدات المليشيا الحوثية البحرية تتطلب استراتيجية طويلة المدى تقوم على التعاون الاستخباراتي وتعطيل شبكات الإمداد والتمويل تدريجياً، وليس الاعتماد فقط على الضربات العسكرية أو العقوبات الفردية، التي أثبت الحوثيون قدرتهم على التحايل عليها، معتبرة أن الأمن البحري الإقليمي سيظل مرتبطاً مباشرة باستقرار جبهات غزة ولبنان وتوازنات النفوذ الإيراني في المنطقة.