مليون دولار يومياً لا تُنير عدن: فساد وتهالك محطات يبددان أموال الكهرباء

تتفاقم أزمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن يوماً بعد آخر، مع استمرار انقطاع التيار لنحو 16 ساعة يومياً بالتزامن مع موجة حرّ خانقة، ما ضاعف معاناة السكان وألقى بظلاله الثقيلة على حياتهم اليومية، وسط اتهامات بالفساد وسوء الإدارة وتراجع كفاءة محطات التوليد، لتبقى الوعود الحكومية بتحسين الخدمة حبيسة التصريحات.

يشكو العديد من سكان عدن لمحرر وكالة خبر، من انقطاع التيار الكهربائي لأغلب ساعات اليوم، في ظل ارتفاع كبير بدرجات الحرارة تجاوزت 36 درجة مئوية، الأمر الذي جعل الحياة اليومية أكثر قسوة، خصوصاً مع توقف مضخات المياه وتلف المواد الغذائية، وتعطل الأعمال التجارية والخدمات العامة، لتتحول معاناة الكهرباء إلى كابوس مزمن يقضّ مضاجع المواطنين.

وتضاعفت الأزمة خلال اليومين الماضيين بعد قيام جنود يتبعون قوات “الحزام الأمني” باحتجاز ناقلات الوقود في محافظة أبين، احتجاجاً على عدم صرف رواتبهم، ما أدى إلى توقف عدد من محطات التوليد في عدن ونقص حاد في إمدادات الوقود اللازمة لتشغيلها.

تؤكد بيانات اقتصادية رسمية أن التكلفة اليومية لتشغيل الكهرباء في عدن تبلغ نحو 1.8 مليون دولار، أي ما يتجاوز 55 مليون دولار شهرياً، وهو رقم ضخم بالنظر إلى محدودية الإنتاج، إذ لا يتجاوز ما يُضَخ فعلياً إلى الشبكة 100 ميجاواط، مقارنة بالاحتياج الأقصى الذي يبلغ 500 ميجاواط لتغطية المدينة ومحيطها بحسب التكلفة المالية.

ويرجع الانخفاض الحاد في الإنتاج إلى أسباب متعددة أبرزها نقص الوقود وتهالك المحطات الحكومية مثل محطة الحسوة التي تعمل بجزء محدود من طاقتها، إلى جانب توقف عدد من وحدات التوليد المستأجرة نتيجة خلافات مالية وانتهاء عقود تشغيلها، ما جعل الشبكة تعيش حالة عجز مزمن ومتفاقم.

وبحسب خبراء في قطاع الطاقة لوكالة خبر، فإن ضخامة المبالغ المصروفة لا تعكس مستوى الخدمة المقدمة، إذ تُستخدم محطات قديمة وغير فعالة تستهلك كميات مضاعفة من الوقود مقارنة بالمحطات الحديثة، مما يجعل عدن تدفع ثمناً باهظاً لإنتاج كمية محدودة من الكهرباء لا تكفي لتغطية جزء يسير من احتياجاتها اليومية.

ويؤكد مختصون اقتصاديون أن ملف الكهرباء في عدن تحوّل إلى “ثقب أسود مالي” نتيجة تفشي الفساد وسوء الإدارة، مشيرين إلى تقارير تتحدث عن سرقة منظمّة للوقود المخصص للمحطات وبيعه في السوق السوداء، إضافة إلى تضخيم فواتير الاستيراد والنقل، وهو ما يبدد ملايين الدولارات شهرياً دون مردود فعلي على الخدمة العامة.

ويشير خبراء الطاقة إلى أن الأزمة مرشحة للتفاقم في ظل ضعف تحصيل المؤسسة العامة للكهرباء لمستحقاتها المالية من المستهلكين، وارتفاع نسبة الربط العشوائي، واعتمادها شبه الكامل على الدعم الحكومي والمنح الخارجية لتغطية تكاليف التشغيل، ما يجعل الخدمة غير مستدامة. 

ويؤكد الخبراء أن الحلول المؤقتة لم تعد مجدية، وأن عدن بحاجة إلى خطة استراتيجية طويلة الأمد لإعادة هيكلة القطاع، وتطوير المحطات بكفاءة عالية تعتمد على الغاز والطاقة المتجددة لضمان استقرار الخدمة وإنهاء معاناة السكان.