اليمنيون يحيون العيد الـ63 لثورة 26 سبتمبر: محطة فاصلة بين حكم الكهنوت والجمهورية
يستحضر اليمنيون، العيد الثالث والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، التي أطاحت بحكم الأئمة الكهنوتي في شمال اليمن وفتحت الباب لقيام الجمهورية، باعتبارها واحدة من أهم المحطات المفصلية في التاريخ الوطني الحديث.
في فجر ذلك اليوم، تحرك الضباط الأحرار في صنعاء لإسقاط نظام استمر قرونًا من الزمن، قائم على العزلة والجهل والتسلط باسم الدين، ليعلنوا ميلاد عهد جديد قوامه الجمهورية والمواطنة والمساواة. وقد شكّلت الثورة منعطفًا تاريخيًا أنهى حكم الفرد والأسرة، وأسّس لمسار دولة حديثة حلم بها اليمنيون طويلًا.
على امتداد العقود الماضية، ظل سبتمبر رمزًا للتحرر والانعتاق من الاستبداد، ومصدر إلهام للأجيال المتعاقبة. ويرى مؤرخون أن الثورة لم تكن مجرد حدث سياسي، بل تحوّل اجتماعي وثقافي عميق نقل اليمن من ظلام العصور الوسطى إلى رحاب العصر الحديث، رغم ما واجهته من تحديات وصراعات لاحقة.
وتأتي ذكرى الثورة هذا العام في ظرف بالغ الدلالة، مع استمرار انقلاب مليشيا الحوثي منذ عام 2014، والذي يسعى – بحسب مراقبين – إلى إعادة إنتاج مشروع الإمامة بصيغة جديدة، عبر فرض سلطة تقوم على التمييز السلالي والقوة المسلحة، وهو ما جعل الكثير من اليمنيين يرون في سبتمبر تجسيدًا متجدّدًا لمعركتهم الراهنة.
ويرى محللون أن الذكرى الـ63 تمثل لحظة تأمل عميقة لليمنيين، ليس فقط لاستحضار التضحيات التي قدّمها جيل الثورة الأول، وإنما لإدراك حجم التحديات التي تواجه مشروع الجمهورية اليوم. فالثورة التي أسقطت حكم الكهنوت في ستينيات القرن الماضي، تبدو وكأنها ما زالت مستمرة في وجدان الناس، مع محاولة قوى جديدة بعث الإمامة من تحت ركام الماضي.
وعلى الرغم من أن الفعاليات الرسمية والشعبية لم تبدأ بعد لإحياء هذه المناسبة، إلا أن الحراك في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يكشف عن حالة من الترقب والاستعداد، حيث عبّر كثير من النشطاء عن اعتزازهم بالثورة ودعوا إلى جعلها مناسبة لإعادة الاصطفاف الوطني في مواجهة الانقلاب.
ويؤكد مراقبون أن نجاح اليمنيين في استعادة دولتهم يرتبط ارتباطًا وثيقًا باستعادة روح سبتمبر ومبادئها، القائمة على المساواة والعدالة وبناء دولة المؤسسات. فبالنسبة لكثيرين، لم تعد ذكرى الثورة حدثًا للاحتفاء فحسب، بل مشروعًا مفتوحًا لاستكمال ما بدأه الأحرار عام 1962 من أجل الخلاص من كل أشكال الاستبداد والتبعية.