2 ديسمبر.. يوم وأدَ الزعيمُ الشهيد صالح حلمَ الإماميين الجدد

هو "علي عبدالله صالح".. الإنسان الذي وُلد من طينة الأرض اليمنية، هو الموقف الثابت أمام الإغراءات والاشتراطات، لسان حاله ردد دوماً "أنا من هذا الوطن وخادم هذا الشعب".. "سأظل خادماً لهذا الشعب والوطن".. لم ينسلخ أي منهما عن الآخر، لا أطماع لديه سوى حماية الثورة والجمهورية ومكتسباتها وإن كلّفه ذلك استشهاده، و"استشهاده فخر له" - هكذا قالها بعظمة لسانه وجحافل المليشيا تحتشد من كل حد وصوب، وجددها والرصاص تمطر داره وحرّاسه، فكان له وخلفه شعب لا يستكين في 2 ديسمبر 2017م شرف وأد حلم فقس من شرنقة الإماميين الجُدد في يونيو 2004م..

قال محللون ومراقبون، إن انتفاضة 2 ديسمبر من العام 2017م، التي قادها رئيس الجمهورية الأسبق، الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح جاءت امتداداً لثورتي سبتمبر وأكتوبر، وشكلت بأهدافها التي لخّصها في وصايا ألقاها في خطابه الأخير قُبيل استشهاده بساعات، خارطة طريق للحفاظ على المكاسب الوطنية، ارتباطها الأوثق بهكذا أهداف تعود بداياتها إلى تمرد قاده شقيق زعيم المليشيا حسين الحوثي في يونيو من العام 2004م، وهو ما قوبل بحزم القيادة السياسية حينها بقيادة الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، رغم ما شاب ذلك من تخاذل ذات القيادات والوحدات العسكرية التي أعادت ذات الكرّة إبان انقلاب المليشيا في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، حينما سلّمت كامل الدولة ومصير شعب ووطن ولاذت بجلدها فارة إلى خارج البلاد خوفا على ذاتها واستثمارتها. وهي المخاوف التي تعاطت معها المليشيا بالنسبة لمواقف صالح الثابتة خلال فترة حكمه وبعد تسليمه السلطة.

وأكدوا لوكالة خبر، في قراءات عميقة أخذت من عديد جوانب للانتفاضة، أن عمق وأبعاد دلالات أهدافها تأتي في أهميتها بالنسبة لمستقبل الوطن في ظل حكم الكهنوت، لا سيما وتوقيتها جاء في مرحلة مفصلية، كانت قد تكشّفت فيها نوايا الكهنوت، وفضحت أكاذيبه وزيف ادعاءاته طيلة ثلاث سنوات من التسويف بحقوق الموظفين خاصة والمواطنين كافة، وعمق الولاء الخارجي المطلق بإيران وحزب الله اللبناني من منطلقات طائفية، أنكر وكذّب صحتها لعقدين كاملين، خصوصاً بعد تورطها بتدريب جماعات حوثية خارج وداخل البلاد، وتمكينها من خبرات تصنيع مواد منفجرة.

فوضى 2011

جموح الرغبة في الإقصاء، ليس نزوة استهدفت حزبا بعينة أو جماعة بذاتها بالنسبة للمليشيا الحوثية، بقدر ما هي إفرازات عقدة الذات التي توارثتها الجماعة الكهنوتية منذ عقود، حينما بنت مفاهيمها على تراكمات انتقامية ضد المجتمعات العربية والإسلامية ككل لحقب غابرة لا ذنب لليمن الأرض والإنسان كغيره من البلدان التي أصيبت بداء السلالة الحاقدة، إلا أنه فتح أحضانه لها واستقبلها شعبه الكريم، فقابلته بالمكر والانتقام المتجدد في يونيو 2004م واستمرت لتمردات ست حتى العام 2007م، اعتبرتها -المليشيا- خارطة طريق انتقامية بدرجة أساسية من ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بأسلافها، قبل أن تستغل بدرجة أكبر فوضى 2011م وتتوغل في جوفها ضمن تخادمات ذات الأطراف السياسية الفارة أواخر العام 2014م، فكانت إفرازاتها منح هذه العصابة موطئ قدم كبرى في الدولة غرست على إثرها خنجرها المسموم في خاصرتها.

وضمن نتاج إفرازات هذه الغرائز الانتقامية برغبة إعادة الشعب إلى حقب تقبيل الجباه، سجون استحدثت بالعشرات وكُبّل خلف قضبانها آلاف العسكريين والسياسيين والناشطين والمدنيين (ذكورا واناثا)، حد تدشين حملات اعتقالات مفتوحة في الشوارع والنقاط المستحدثة لعناصرها، ومن مقار الأعمال والمساكن، ذنب ضحاياها الوحيد في الغالب عدم الولاء لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي.

تركة ثورية

وتشير قراءات المحللين إلى أن واحدية الأهداف الثورية لانتفاضة 2 ديسمبر وثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، قضّتا مضجع الكهنوت، فهي -أي الجماعة- تدرك جدية الولاء الوطني المطلق لدى الزعيم، فقبل رفضه إغراءات والتزامات دولية بتوفير كامل اشتراطاته حال مغادرة البلاد وتسليم المليشيا السلالية الحوثية مصير الوطن والشعب الذي أقسم على خدمته حتى آخر يوم في حياته، مثلما لاذ بالفرار كامل أركان الدولة وقياداتها العسكرية والسياسية والمدنية، هي تدرك موقفه وقراره الأوحد تجاه أفكارها الطائفية منذ اشعالها فتيل الفتنة في يونيو 2004م.

ويجزم المحللون على أن انتفاضة 2 ديسمبر جددت النهج الثوري لدى الشعب اليمني، بعد أن كادت المليشيا تخنق احلامه وطموحاته خلف مشاريع طائفية تزداد تكشفا يوما بعد آخر. ولعل استمرارها بنهب إيرادات وضرائب وعائدات الدولة، علاوة على فرضها إتاوات شبه أسبوعية، وحملات تدمير ممنهج للهوية الوطنية والثقافية والتعليمية، واستبدالها بمنهجية وفكر الجماعة لا سواها، قرائن داعمة لعظمة الانتفاضة.

وأمّا استمرارها بالرفض المطلق لمنح الموظفين حقوقهم لأكثر من ست سنوات، وتقييد حرايات الجميع، وإغلاق منابر الرأي وأصوات العوام، وتضخم السجون بالمعتقلين، وتزايد ضحايا التنكيل والتعذيب حد الموت، إلا قول فصل في استنساخها الحقبة الإمامية الكهنوتية بكامل أركانها، ولكن أنى لها العيش والتكاثر في وطن أحفاد حمير..
وأشاروا إلى أن التركة الثورية التي أورثها الزعيم صالح ورفاقه من القادة الثوار ضد حكم بيت حميد الدين البائد، بدءاً من ملاحقته جحافل المليشيا الحوثية في جبال مران بصعدة في 2004 وحتى وأده وخلفه الشعب حُلمَ الإماميين الجدد في قلب العاصمة صنعاء في 2 ديسمبر 2017م، جسّدت واحدية الهدف والمصير الثوري، واستحقاق الشعب العظيم في توارثها والحفاظ على مكتساباتها.