فايننشال تايمز: مقتل أبو مهدي المهندس أضعف نفوذ إيران في العراق

قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: إنَّ مقتل أبو مهدي المهندس، أحد أقوى قادة الميليشيات في العراق، خلال الغارة الأمريكية التي قتل خلالها قائد فيلق القدس قاسم سليماني، أضعف نفوذ إيران، لكنه زاد من خطر عنف الميليشيات للانتقام من الأهداف الأمريكية.

وأضافت الصحيفة - في تقرير: "بينما تبادلت الولايات المتحدة وإيران تهديدات بالتدمير، لم يكن هناك اهتمام كبير بمقتل العراقي البالغ من العمر 66 عامًا، الذي كان لسنوات شوكة في جانب واشنطن".

ويُحذِّر المسؤولون العراقيون والخبراء الغربيون من أنّ مقتل أبو مهدي المهندس هزَّ شبكة قوية من الميليشيات الشيعية في العراق، مما أضعف نفوذ إيران في البلاد، لكنه زاد من خطر عنف الميليشيات والانتقام من الأهداف الأمريكية.

وُلد المهندس في البصرة، وهو قائد كتائب حزب الله، واحدة من أكثر الجماعات شبه العسكرية المدعومة من إيران، والتي زادت من خلالها طهران نفوذها بشكل كبير في العراق خلال العقد الماضي.

وفي عام 2017، عُيِّن نائبًا لقائد مجموعة شبه عسكرية، قوات الحشد الشعبي، التي تم إنشاؤها في بغداد، وسعت لجلب الميليشيات التي لا تعد ولا تحصى وقاتلت داعش تحت قيادة القوات المسلحة.

وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى، إنَّ المهندس نظَّم المليشيات الموالية لإيران، وكان حليفًا مقربًا من طهران لعدة عقود.

وبحسب التقرير، مهَّدت وفاة المهندس الطريق لصراع متعاقب بين العديد من قادة الميليشيات، ومن بين هؤلاء القادة، رجل الدين الذي تحول إلى رجل شبه عسكري مقتدى الصدر، وقيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق المرتبط بإيران؛ وهادي العامري، زعيم ائتلاف فتح.

وصرّح نصر الشمري المتحدث باسم إحدى الميليشيات الشيعية الخاضعة لنفوذ المهندس، بأنّه لم يتم اتخاذ قرار بشأن من سيحل محله.

وذكرت الصحيفة: "في المقام الأول، لدى رؤساء الميليشيات هدف مشترك، وهو الانتقام لمقتل المهندس من خلال تحقيق هدفه المعلن منذ زمن طويل وهو إجبار الولايات المتحدة على الخروج من العراق".

وعلى المستوى السياسي في بغداد، حفز مقتله السياسيين الشيعة بالفعل على المضي قدمًا في قرار برلماني لصالح طرد القوات الأجنبية من البلاد، وحث الولايات المتحدة على الانسحاب.

وقبل أيام، أخبر مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، جمهورًا بجامعة ستانفورد، أنه أجرى حوالي 50 مكالمة للزعماء العراقيين على مدار الأيام العشرة الماضية في محاولة لتعزيز الموقف الأمريكي في البلاد.

وترى الصحيفة أنّ المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين عمومًا إيجابيون بشأن وفاة المهندس رغم أنّ الأدلة التي نشرت حتى الآن تشير إلى أن الزعيم العراقي لم يكن هدفًا أساسيًا، وصرّح أحد المسؤولين: "لقد كان مقتل المهندس مفاجأة لكن كانت جيدة".

وكان ينظر إلى المهندس على أنه الذراع اليمين لسليماني في العراق، وصنفت واشنطن مجموعة الميليشيات التابعة له على أنها منظمة إرهابية، وفي عام 2009 فرضت عليه عقوبات بسبب الهجمات على القوات الأمريكية، وبشكل منفصل، اتهمته الكويت غيابيًّا بتفجير السفارة الأمريكية، والبنية التحتية الكويتية عام 1983.

ويرى خبراء أنَّ الفجوة القيادية التي أوجدها وفاته فرصة لإضعاف قبضة إيران على الميليشيات العراقية التي مولتها ودربتها.

ونقلت الصحيفة عن مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن قوله: "لم يعد لديهم دماغ منظم".

ومن دون الرجلين القويين، يخشى العراقيون أيضًا من احتمال عودة صراعات الميليشيات الداخلية التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، والمعارك التي أضرت بالمدنيين وزعزعت استقرار جنوب العراق الغني بالنفط.