توقُّف جبهات القتال.. استسلام أم تحالف غير معلن مع المليشيات الحوثية؟

تشهد أغلب جبهات القتال ومناطق التماس مع المليشيات الحوثية هدوءاً تاماً ساعد الحوثيين على إعادة تموضعهم وتحرُّكاتهم في الميدان، في وضع انتقلت فيه المليشيات، في بعض الأوقات، من الدفاع إلى الهجوم ضد جبهات تابعة للقوات الحكومية، وتفرغها لقمع أي انتفاضات داخلية ضد سلطاتهم، وإخماد الأصوات الرافضة لسيطرتهم وترويض المجتمع والتنكيل بأبنائه.

وباستثناء جبهتي صعدة وحمك والحُشا والعود بالضالع، فإن باقي جبهات القتال ضد الحوثي متوقفة وأبرزها جبهات نهم وصرواح والجوف، والتي تمر بحالة إسبات وهدوء تام اعتبرها مراقبون أحد مظاهر التحالفات غير المُعلنة لقوى سياسية مع جماعة الحوثي بدعم قطري تركي.

وأكد مراقبون سياسيون لوكالة خبر، أن تصريحات وزير الخارجية خالد اليماني بعدم جدوى الحلول العسكرية لحل الأزمة اليمنية، وتفضيل الحل السياسي وهي التي دعا إليها عبدربه منصور هادي خلال اجتماع برلماني في سيئون، ناهيك عن تصريح وزير الدفاع المقدشي بأن 70 بالمائة من القوة العسكرية في البيوت والشوارع وغير متواجدة في الجبهات، دليل على استسلام غير معلن يدفع المليشيات لمزيد من التنمر والقضاء على أي مقاومة محلية تنهاض سلطاته.

وأشار المراقبون إلى دور الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن المشبوه في إجهاض أي حركات تحرُّر ومقاومة ضد المليشيات الحوثية، والتدخُل في الوقت المناسب لإنقاذه، وفك الخناق عنه، مثل ما حصل ويحصل في جبهة الساحل الغربي بعد أن كانت المليشيات على وشك الانهيار أمام وقع ضربات أبطال قوات المقاومة الوطنية والمشتركة.

وقال مراقبون سياسيون، في تصريح لوكالة خبر، إن توقف الجبهات الرئيسية عن شن أي هجمات ضد الحوثيين أفرز وضعاً مغرياً لمسلحي الجماعة، والتي تحولت تحركاتها من حالة الدفاع إلى الهجوم، ومحاولة السيطرة على مواقع ومناطق جديدة كما حدث في قعطبة ودمت ومريس في الضالع، إضافة إلى تقدمها الطفيف في جبهة العود والبيضاء بذي ناعم بعد سيطرتها على جبل حلموس.

ويرى المراقبون، أن مليشيات الحوثي بدأت بالتنفس مع توقف جبهات القتال، وتفرَّغت لاستعادة قواها وترتيب أوضاعها وبناء معسكرات تدريب وحفر مزيد من الأنفاق وزراعة الألغام.

وأشاروا إلى أنه منذ توقف جبهات القتال استفرد الحوثيون بقبائل حجور وأطبقوا عليها الحصار واقتحموها وأخمودا انتفاضة أبنائها واعتقلوا مشائخها، وهدموا المنازل ونكّلوا بالأهالي، كما نفذوا إجراءات لإحكام قبضتهم على كُلّ مناحي الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم بعد أن كانت قد ارتخت بفعل الضغط العسكري على عناصرها في الجبهات، والتي تسببت في استنزافها بشكل كبير وتناقص أعداد مقاتليها والمؤيدين لها.

ويؤكد المراقبون أنه كان يمكن للقوات التابعة والموالية للإصلاح وعلي محسن الأحمر، في أكثر من جبهة، أن تشكّل مزيداً من الضغط لاستنزاف عناصر المليشيات الحوثية بالتزامن مع الانتفاضات التي شهدتها صنعاء وحجور، إلا أنه يبدو أن حالة من الوئام غير المعلن تركت للمليشيات فرصة استجماع عناصرها وتحريكهم إلى جبهات أخرى تحوَّلت فيها من حالة الدفاع إلى الهجوم وتسجيل انتصارات إعلامية ترفع من معنويات عناصرها المنهارة وتستخدمها للتعبئة وتجميع مزيد من المقاتلين المغرر بهم وإلحاقهم في معسكرات تدريب ومن ثمَّ إرسالهم إلى محارق الموت في الجبهات.