كيف سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت والمهرة في ساعات؟

شهدت محافظتا حضرموت والمهرة شرقي اليمن منذ مطلع ديسمبر 2025 تحولاً ميدانياً مفاجئاً، تمثل بـ"سيطرة سريعة" لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي على معسكرات ومقار حكومية واستيلائها على أسلحة ومعدات ثقيلة ـ في ما وصفه مراقبون عسكريون بأنه أحد أسرع «سقوطات» أمنيّة في التاريخ المعاصر لليمن على يد قوة مسلحة.

دخل الانتقالي إلى مدن من حضرموت مثل مدينة سيئون (مركز وادي حضرموت) بعد اشتباكات محدودة مع القوات العسكرية المتمركزة، لكن سرعان ما انسحبت تاركة خلفها مخازن أسلحة وآليات ومعدات عسكرية بكميات كبيرة، في عملية أكثر ما وصفها المراقبون بعملية "استلام وتسليم" هي أشبه إلى انزلاق استراتيجي.

ولعل ما عزز هذا التحليل تسريب وثيقة صادرة من المجلس الانتقالي إلى النقاط العسكرية الممتدة على طول خط "حضرموت- عدن" وجهت السماح لقائد المنطقة العسكرية الأولى التي كانت تتمركز في حضرموت، العبور مع مرافقيه بأسلحتهم ومركباته، رافقه خلال ذلك أطقم حماية تابعة للمجلس.

وبحسب ما أعلنت “قوات النخبة الحضرمية” الموالية للانتقالي، فقد بسطت القوات سيطرتها على مطارات، ومعسكرات، ومقرات رسمية ومعسكرات عسكرية في وادي حضرموت وصحرائها، وأعلنت أن “الوادي والصحراء” تحت سيطرتها بالكامل. 

كما سيطرت على حقول ونقاط النفط في هضبة حضرموت ومنطقة "المسيلة" النفطية وما حولها، بما في ذلك نقاط حماية المنشآت والمرافق النفطية التي كانت على عاتق جهات محلية وقبلية وأمنية. 

وفي محافظة المهرة، أعلن محور الغيضة العسكري انضمامه رسمياً إلى المجلس الانتقالي، وهو ما أدى إلى تسليم جميع النقاط والمقار العسكرية والأمنية في المحافظة لقوات الانتقالي. 

انسحابات درع الوطن

في الوقت ذاته، كانت أعلنت قوات درع الوطن -التي أنشأها مجلس القيادة الرئاسي اليمني بقيادة رشاد العليمي رئيس المجلس- وبدعم مباشر من المملكة العربية السعودية التي تقود تحالف دعم الشرعية في اليمن.. أعلنت بدء استلامها بعض المعسكرات في حضرموت والمهرة وتأمين الخط الدولي الرابط بين حضرموت والسعودية، لتوسيع انتشارها في المناطق الشرقية وتأمين الأمن. 

في تطور لاحق، قالت قوات درع الوطن انها تسلّمت معسكرات ومطارات في المهرة وحضرموت ضمن ترتيبات رسمية يراقبها تحالف دولي، في محاولة لضبط الأمن واستعادة مؤسسات الدولة. 

لكن في سابقة لافتة، أوردت تقارير أن درع الوطن أخلت هذه المواقع فجر الأحد، وتم تسليمها مجدداً -وفقاً لبعض المصادر- إلى الانتقالي، من دون تفسير رسمي واضح يفسّر دوافع الانسحاب.

وهذا التذبذب في السيطرة أثار تساؤلات جدّية بشأن خلفيات سياسية وعسكرية.

فوضى ونهب

سرعة التغير العسكري في حضرموت أدت إلى حالة من الفوضى الأمنية والانفلات، بعد ورود تقارير عن سرقات ونهب لمحلات ومنازل مواطنين، وفق تسجيلات فيديو وثّقها سكان وناشطون.

هذه التقارير أثارت مخاوف حقيقية من تدهور الأوضاع الأمنية وتأثر المدنيين، في ظل مؤشرات أن ما جرى هو تخطيط سابق له لإعادة تقسيم مناطق النفوذ في جنوب وشرق اليمن.

وتتعاظم هذه المؤشرات مع إطلاق المجلس الانتقالي، السبت، دعوة رسمية لجميع المواطنين في المناطق المحررة إلى اعتصام مفتوح في الساحات والميادين للضغط بإعادة تشكيل خارطة الانتشار إلى فرض أمر واقع.

ولا يقتصر التمدد على البُعد العسكري فحسب، فالمحافظتان تحتضنان ثروات نفطية ضخمة وموانئ بحرية مهمة، الأمر الذي يمنح السيطرة عليهما قيمة استراتيجية كبيرة، ما يجعل السيطرة على هذه المناطق مشروع نفوذ اقتصادي إلى جانب النفوذ الميداني، وهذا النفوذ يمكن له أن يعيد هندسة الواقع خصوصاً في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه الحكومة المعترف بها دولياً.