في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة… اليمنيات يواجهن أوسع دائرة عنف في العالم

قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن إحياء اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة يأتي هذا العام في ظل تصاعد غير مسبوق لمختلف أشكال الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات في اليمن، معتبرةً أن الاحتفاء بالمناسبة يفقد معناه ما لم يُترجم إلى التزام جاد بوقف الحرب ومواجهة البنية القانونية والاجتماعية التي تسمح باستمرار العنف.

وأكدت سام أن النساء اليمنيات يعشن واحدًا من أعنف السياقات عالميًا، حيث تتقاطع آثار الحرب مع العنف الأسري والأمني والمسلح، إضافة إلى العنف الرقمي والهيكلي، في وقت تشهد فيه منظومات الحماية والخدمات الأساسية انهيارًا شبه كامل.

 أرقام صادمة: ملايين النساء في دائرة الخطر

ووفقًا لتحليلات مجموعات العمل الإنسانية، فإن نحو 6.2 مليون امرأة وفتاة في اليمن يواجهن مخاطر متعددة من سوء المعاملة والاستغلال، فيما يحتاج العدد نفسه تقريبًا إلى خدمات الحماية في خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025، رغم محدودية البرامج المتاحة.

وتُظهر البيانات أن 80٪ من النازحين داخليًا من النساء والأطفال، وأن ربع الأسر النازحة ترأسها نساء، وسط بيئات مكتظة في المخيمات تفتقر إلى الخصوصية والمعايير التي تراعي النوع الاجتماعي، ما يرفع مخاطر العنف الجنسي والتحرش.

كما تشير المنظمة إلى فجوات هائلة في الخدمات، حيث تفتقر 90٪ من المناطق الريفية إلى أي خدمات متخصصة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، ولا تقدم سوى 5٪ من المرافق الصحية خدمات إدارة حالات الاغتصاب، فيما أجبرت تخفيضات التمويل على إغلاق عشرات المساحات الآمنة للنساء.

 عنف الحرب… من الخطف إلى الاغتصاب والألغام

وأوضحت سام أن النزاع المسلح جعل جسد المرأة وحياتها جزءًا من ساحة الحرب، مشيرةً إلى تقارير أممية وثّقت القتل خارج القانون، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والعنف الجنسي، بما في ذلك احتجاز نساء وفتيات داخل السجون في ظروف صادمة، أبرزها وجود نحو 300 محتجزة في السجن المركزي بصنعاء، بينهن قاصرات.

كما حصدت الألغام والمتفجرات أرواح مئات المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، فيما تضاعفت نسب زواج القاصرات منذ اندلاع الحرب، خاصة في سياق الفقر والنزوح.

 العنف الرقمي… فضاء مفتوح للابتزاز والوصم

وقالت المنظمة إن العنف الرقمي ضد النساء بلغ مستويات خطرة، عبر أساليب تشمل الابتزاز، تسريب الصور، الحسابات المزيفة، والتهديدات، في ظل غياب الحماية القانونية وضعف آليات المنصات الرقمية. وقد وثّقت منظمات حقوقية عشرات الحالات التي تحولت فيها المضايقات الإلكترونية إلى تهديدات بالقتل أو محاولات انتحار.

وتواجه الضحايا عراقيل إضافية عند اللجوء للجهات الرسمية، من بينها اللوم والابتزاز والتجاهل، فضلًا عن غياب كوادر نسائية في المؤسسات الأمنية.

 الصحفيات والمدافعات… العنف يمتد إلى الفضاء العام

وأشارت سام إلى أن الفضاء العام بدوره غير آمن للنساء، إذ تتعرض الصحفيات والناشطات لحملات تشهير وتهديدات واعتقالات بسبب نشاطهن، ما يجبر كثيرات على الانسحاب من العمل العام، في ظل ضعف التشريعات التي تجرّم العنف والتحرش في أماكن العمل.

 انتهاكات الأجهزة الأمنية والمليشيات… "الزينبيات" في الواجهة

وكشفت المنظمة عن أن الأجهزة الأمنية والمليشيات تمارس أشكالًا خطيرة من العنف، تشمل التعذيب والاغتصاب والابتزاز والوصم الاجتماعي، مؤكدةً أن وحدة الزينبيات تلعب دورًا محوريًا في المداهمات والاعتداءات على النساء، بما في ذلك الضرب والصعق الكهربائي وعمليات اغتصاب داخل أماكن الاحتجاز.

 العنف الأسري… الخطر الأكبر والأكثر خفاءً

وتقول المنظمة إن العنف الأسري هو الأكثر انتشارًا وخفاءً، إذ تُظهر الدراسات أن أكثر من نصف النساء في صنعاء تعرضن لعنف جسدي أو تهديدات من الشريك، فيما لا تتجاوز نسبة من يلجأن إلى الشرطة 3٪ بسبب الوصم والخوف وفقدان الثقة بالعدالة.

كما يستمر زواج الأطفال والختان بنسب مرتفعة؛ حيث تشير التقديرات إلى أن ثلث الفتيات على الأقل يزوّجن قبل 18 عامًا، فيما تصل نسب الختان في بعض المناطق الساحلية إلى 80–85٪.

قوانين وسياسات تُشرعن العنف

وتؤكد سام أن المنظومة القانونية تسهم بوضوح في استمرار العنف ضد النساء، إذ يسمح قانون الأحوال الشخصية بتزويج القاصرات، بينما يمنح قانون العقوبات تخفيفًا يصل إلى عام واحد فقط في ما يسمى "جرائم الشرف". كما فرضت سلطات الأمر الواقع قيودًا مشددة على حركة النساء عبر شرط "المَحرَم"، وتسببت الفجوات الهائلة في التعليم والعمل في تعميق العنف الهيكلي والاقتصادي ضد المرأة.

دعوة عاجلة

واختتمت سام تقريرها بالدعوة إلى وقف الحرب ووضع حماية النساء والفتيات في صلب أي عملية سياسية أو إنسانية، وإصلاح القوانين والسياسات التمييزية، وتعزيز الخدمات المخصصة للناجيات، باعتبار أن مستقبل السلام في اليمن يبدأ بضمان أمن وكرامة النساء.