أكثر من 300 فلسطيني في أسبوعين… جنوب أفريقيا تُحقق في رحلات “تهجير جوية غامضة” من غزة (تقرير)

فتحت السلطات الجنوب أفريقية تحقيقاً رسمياً بعد وصول طائرة مستأجرة تقلّ 153 فلسطينياً من قطاع غزة إلى مطار أور تامبو في جوهانسبرغ، في رحلة غير معلنة توقفت في نيروبي قبل الوصول إلى جنوب أفريقيا، وسط غياب أختام الخروج على جوازات الركّاب ونقص في وثائق السفر.

وقال الرئيس سيريل رامافوزا يوم الجمعة، إن الطائرة "مرّت بطريقة غامضة عبر نيروبي"، مؤكداً أن حكومته ستجري تقييماً شاملاً للواقعة.

واحتجزت سلطات الهجرة الركاب لأكثر من 12 ساعة قبل السماح بدخول 130 شخصاً إلى البلاد، بينما توجه 23 آخرون إلى دول أخرى.

وأعلنت منظمة هبة الواهبين تكفّلها بإسكان العائلات ورعايتها، مؤكدة أن 75% من الوافدين يعتزمون تقديم طلبات لجوء لاحقاً.

وسطاء غير رسميين

قالت السفارة الفلسطينية في بريتوريا إن الرحلة نظّمتها جهة غير مسجلة "استغلت الظروف الإنسانية وخدعت العائلات" ، محذرة من التعامل مع الوسطاء غير الرسميين.

في المقابل، قالت السلطات الإسرائيلية إن خروج الفلسطينيين تم بموافقة "دولة ثالثة" دون الكشف عن هويتها الرسمية، فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن منظمة تُدعى المجد تقف خلف الرحلة دون سجل قانوني معروف.

وتعدّ هذه الرحلة الثانية خلال أسابيع، بعد وصول طائرة تحمل 176 فلسطينياً بالطريقة ذاتها، ليرتفع العدد إلى أكثر من 300 شخص.

وقد دفعت هذه التطورات منظمات مدنية للمطالبة بتحقيق موسّع في مصادر التمويل والدور المحتمل لإسرائيل في تسهيل تنقل الركّاب دون أختام رسمية.

هل تُنذر هذه الرحلات بمخطط لتفريغ غزة؟

قال محللون لوكالة "خبر" إن تكرار الرحلات غير الشفافة، وفي ظل غياب إجراءات السفر الرسمية، يعزّز القلق من وجود شبكة منظّمة تُسهّل خروج السكان عبر مسارات غير تقليدية.

ومع الدمار الواسع في القطاع منذ حرب أكتوبر 2023، وارتفاع وتيرة النزوح الداخلي، تبرز تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التحركات تمهيداً لاعتماد "الهجرة غير المباشرة" كبديل عن التهجير القسري الذي تعذّر تنفيذه عبر الحدود مع مصر والأردن.

ورغم عدم وجود دليل قاطع على مخطط مُنسّق، فإن نمط الرحلات وسياقها الميداني والسياسي يشير إلى ضرورة فتح تحقيق دولي حول الجهات المنظمة ومصادر تمويلها، وفي ما إذا كانت هذه العمليات جزءاً من ترتيبات أوسع لإفراغ غزة تدريجياً، بحسب مصادر حقوقية.

ووفقاً للمحللين، تكشف هذه الرحلات "الغامضة" ثغرات خطيرة في مسارات السفر، وتثير أسئلة تتجاوز البُعد الإنساني لتطال احتمالات إعادة تشكيل المشهد الديمغرافي في القطاع.

وبينما تبقى الحقائق غير مكتملة، فإن المؤشرات كافية لمطالبة المجتمع الدولي بتحقيق شفاف وعلني يوضح ما إذا كانت هذه الرحلات مبادرات إنقاذ… أم حلقة في مخطط أكبر.

دور إسرائيلي مباشر

في السياق، أتهم مراقبون للمشهد الفلسطيني، الاحتلال الإسرائيلي بلعب دور مباشر في موجة الهجرات الحالية استناداً إلى عدة قرائن، أبرزها التساهل أو الترتيب عبر معابر ومطارات تخضع جميعها لسيطرة إسرائيل، إضافة إلى التعاقد مع جهات "تطوعية"  أو وسطاء محليين ودوليين لتنظيم رحلات إلى دول ثالثة وسط غياب معايير حماية واضحة أو رقابة رسمية.

وأشاروا إلى أنّ الضغط الاقتصادي والدمار الواسع في البنية التحتية يدفع مزيداً من السكان إلى البحث عن مناطق أكثر أمناً خارج غزة، ما يُسهم عملياً في خلق مسار تهجيري غير مباشر.

وأكدوا أن هذه الرحلات تمثل مؤشراً خطيراً على وجود آليات نقل غير شفافة تخرق إجراءات الهجرة الاعتيادية وتعرّض العائلات للاستغلال، بما يرفع احتمالات وجود جهود منظمة تهدف إلى إخراج أجزاء من السكان خارج القطاع.