ثورة 14 أكتوبر.. شرارة التحرير واستكمال لمسيرة سبتمبر نحو السيادة الوطنية
يحلّ غدا الثلاثاء العيد 62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة التي انطلقت من جبال ردفان عام 1963 ضد الاستعمار البريطاني، لتعلن بداية مرحلة جديدة في تاريخ اليمن الحديث، مرحلة التحرير الوطني واستعادة السيادة، واستكمال المشروع الجمهوري الذي دشّنته ثورة 26 سبتمبر 1962 في شمال الوطن.
تُعدّ ثورة 14 أكتوبر محطة فارقة في التاريخ اليمني، إذ مثّلت تعبيراً عن رفض الاحتلال والتبعية، وإصرار اليمنيين على تقرير مصيرهم بأيديهم. فقد وحّدت الثورة الأحرار من مختلف مناطق الجنوب، وامتدت جذوتها إلى لحج وعدن وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة، لتتحول من شرارة مقاومة محلية إلى حركة تحرر وطني شاملة انتهت بإعلان الاستقلال وجلاء آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967.
ويجمع المؤرخون على أن ثورة أكتوبر كانت الابنة الشرعية لثورة سبتمبر، وأن ما جمع بينهما لم يكن فقط وحدة الهدف، بل أيضاً وحدة الدم والمصير. فقد شارك العديد من أبطال ثورة أكتوبر في دعم ثورة 26 سبتمبر منذ انطلاقتها في شمال البلاد، سواء عبر الدعم اللوجستي أو الإعلامي أو بالانخراط في صفوف الجيش الجمهوري. كما أن ثوار سبتمبر بدورهم أسهموا في إشعال فتيل الثورة في الجنوب، واحتضنت صنعاء ورجالها كثيراً من المناضلين الجنوبيين، في تأكيد عملي على واحدية النضال اليمني ضد الاستبداد والاحتلال.
ولم تكن أكتوبر مجرد حركة عسكرية ضد الوجود البريطاني، بل ثورة فكرية وسياسية حملت مشروع بناء دولة مستقلة ذات سيادة، تتطلع إلى تحقيق العدالة والمواطنة المتساوية والتنمية، في امتداد طبيعي لأهداف ومبادئ ثورة 26 سبتمبر التي أسقطت نظام الإمامة في الشمال.
إن واحدية الثورة اليمنية تمثل أبرز تجليات الوعي الوطني لدى اليمنيين؛ فسبتمبر حررت الإنسان من الاستبداد الداخلي، وأكتوبر حررت الأرض من الاحتلال الخارجي، وكلاهما جسّد إرادة واحدة هي إرادة الشعب اليمني في الحرية والكرامة والسيادة.
وتبقى ثورتا سبتمبر وأكتوبر وجهين لمشروع وطني واحد، ما زال اليمنيون يستلهمون روحه حتى اليوم، في سعيهم لاستعادة دولتهم وجمهوريتهم، وتجديد العهد على الوفاء لتضحيات الأحرار الذين قدموا أرواحهم فداءً لوطن حرّ مستقل.