الاحتلال الإسرائيلي ومليشيا الحوثي يدمران البنية التحتية في اليمن.. وفلسطين لم تحقق أية مكاسب
يدفع اليمنيون مجدداً ثمن الصراع الإقليمي، إذ تواصل الغارات الإسرائيلية والأمريكية استهداف البنية التحتية الحيوية في البلاد، فيما تصر مليشيا الحوثي على تنفيذ أجندات إيرانية تحت شعارات دعم فلسطين، دون أن تحقق ضرباتها أي أثر عملي لصالح غزة أو الشعب الفلسطيني.
مساء الأربعاء، شنّ طيران الاحتلال الإسرائيلي عشرات الغارات الجوية التي استهدفت مبنى البنك المركزي، ومبنى الأحوال المدنية، والمجمع الحكومي في الجوف.
كما طالت الغارات مواقع عسكرية وأمنية ومقار حكومية في العاصمة صنعاء، بينها مجمع العرضي الذي يضم وزارتي الدفاع والمالية، وقصر الرئاسة، وشركة النفط في منطقة الحصبة، إضافة إلى مقر دائرة التوجيه المعنوي ووزارة الإعلام سابقًا في حي التحرير.
وألحقت الضربات خسائر مادية بالمنازل المجاورة، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بحسب مصادر محلية.
تعطّل الموانئ الحيوية
خلال الأشهر الماضية، تعرضت موانئ الحديدة ورأس عيسى لضربات مباشرة عطّلت حركة الشحن التجاري والإغاثي، فيما استهدفت الهجمات مصانع الإسمنت في الحديدة وصنعاء وعمران، إلى جانب محطات الطاقة ومطار صنعاء الدولي.
وتشير تقييمات البنك الدولي، قبل وبعد موجات القتال الأخيرة، إلى أن الخسائر المباشرة في المدن المتضررة بلغت عدة مليارات من الدولارات.
كما تُرجّح تقديرات سابقة أن نحو ثلثَي الخسائر الاقتصادية والنخر في البنية التحتية ناجمة عن الحرب المستمرة منذ سنوات، وهي الحرب التي تستخدمها الجماعة شماعة، في الوقت الذي تنفذه أجندات خارحية، حيث تشير توقعات أولية بأن تتجاوز كلفة إعادة الإعمار عشرات المليارات، في ظل تضرر قطاعات الإسكان والطاقة والمياه والصحة بشكل خاص.
أحد الأمثلة البارزة يتمثل في قصف منشآت ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، ما تسبب بأضرار جسيمة في البنية التحتية للميناء وخسائر بشرية.
وذكرت تقارير حقوقية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، أن الهجوم الأمريكي في أبريل 2025 ألحق دماراً واسعاً بقدرة الميناء على استقبال الشحنات التجارية والإغاثية، وأثار تساؤلات حول مشروعية الأهداف وضرورة حماية المدنيين.
وتؤكد هذه التقارير أن تعطّل الموانئ الحيوية يزيد من كلفة الاستيراد، ويعيق وصول الغذاء والوقود والمواد الطبية إلى مناطق واسعة من البلاد.
تدمير ممنهج للبنية التحتية
برر الاحتلال الإسرائيلي عملياته بأنها رد على هجمات الحوثيين، غير أن تقارير البحرية الأمريكية وتصريحات إسرائيلية رسمية أكدت أن معظم تلك الهجمات جرى اعتراضها ولم تلحق أضرارًا ملموسة.
ويعني ذلك أن المدنيين اليمنيين وحدهم يتحملون نتائج هذه المواجهة، وأن البنية التحتية في البلاد تتعرض لتدمير ممنهج، بينما لم تحقق غزة أو فلسطين أي مكاسب عملية من الضربات الحوثية.
وكان تعرض مطار صنعاء الدولي مطلع مايو الماضي، لأضرار بالغة، حيث دُمّرت ثلاث طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية خلال هجوم شنته قوات الاحتلال مطلع مايو الماضي.
كما استهدفت غارات متفرقة مصانع الإسمنت في باجل بمحافظة الحديدة ومحافظة عمران، ومحطات توليد الطاقة في صنعاء وبعض المحافظات، علاوة على أبراج الاتصالات.
وقد بررت إسرائيل هذه الهجمات أيضاً بادعاء استخدام الحوثيين لهذه المنشآت في أغراض عسكرية، لكنها لم تستهدف أيَّاً من قيادات الصف الأول في الجماعة، رغم اعتبارهم أهدافاً "حساسة".
مخطط انتقامي
في هذا السياق، أكد خبراء أمنيون لوكالة "خبر" أن مليشيا الحوثي تنفذ سياسة انتقامية مرتبطة بالأجندة الإيرانية، فيما لا يحصد اليمنيون سوى مزيد من الدمار والعزلة.
ويرى الخبراء أن هذه السياسة لا تخدم سوى مشروع إقليمي يفاقم معاناة اليمنيين، ويقوض فرص السلام وإعادة الإعمار.
وحمل الخبراء مليشيا الحوثي والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية المشتركة عمّا يتعرض له اليمن من دمار وخراب وقتل وتشريد، مؤكدين أن هذه الأعمال الانتقامية مدانة في جميع القوانين الدولية.
وتزامن ذلك مع اتهامات صادرة عن منظمات حقوقية محلية ودولية، حمّلت الاحتلال الإسرائيلي ومليشيا الحوثي الإرهابية المسؤولية عن جرائم التدمير الممنهج، مؤكدة أن استهداف المنشآت المدنية يرقى إلى جرائم حرب تستوجب المساءلة الدولية.