رواية مصورة تظهر الجانب الإنساني لليمن


بقلم: Stefania D'Ignoti

عندما وجد غويدو اوستانل، رئيس تحرير دار النشر الإيطالي بيكوغيالو، اقتراح كتاب عن اليمن على مكتبه قبل عامين، أسره ذلك مباشرة. وقال للمونيتور: "في إيطاليا، وفي الغرب بشكل عام، لم يتصدر هذا البلد والحرب الحالية عناوين الصحف، ناهيك عن الكتب مؤخرا".

تألف الاقتراح من قصة مصورة وبضع رسومات – وهي ملخص مشوق فعلي لرواية مصورة استثنائية عن بلد عربي لم يكن يعرف الكثير عنه باستثناء العنف والمعاناة الناتجة من الحرب اليمنية. وكان هذا العمل من صنع امرأتين، رسامة الكارتون باولا كاناتيلا وصانعة الأفلام الوثائقيّة لورا سيلفيا باتاغليا.

استغرق الأمر عامًا آخر لتنظيم كل شيء. وأبصرت رواية "العروس اليمنية" النور في العام 2016 وأعيدت طباعتها في العام 2017. ومن المقرر أن تخرج باللغة الإنجليزية في العام 2018.

قالت باتاغليا للمونيتور في مقابلة هاتفية، "حاولنا عرض اليمن بكليته، من قصص الحياة اليومية إلى الأحداث الاجتماعية السياسيّة الأكبر التي تجري حاليا في البلاد".

يستند الكتاب إلى نقل باتاغليا المباشر على الأرض في صنعاء. وإن القصص، المستقلة رغم ارتباط إحداها بالأخرى، تصف الحياة اليومية في اليمن في بداية القرن الواحد والعشرين بكل تناقضاتها ومعاناتها الإنسانية.

تبدأ الرواية بطقوس الزفاف، وكما يشير العنوان، حفلات الزفاف هي موضوع متكرر في الرواية ويجري تقديمها من وجهات نظر مختلفة تكشف كل منها جانبًا جديدا لهذا المجتمع الخليجي. في اليمن، تدوم حفلات الزفاف ثلاثة أيام ويحتفل الرجال والنساء كل على حدة. أثناء تواجد باتاغليا في صنعاء، دعيت إلى حفل مخصص للضيوف الإناث حيث حصلت على وردة حمراء تعني وفق التقاليد أنها ستكون التالية في الزواج. وفي صفحات لاحقة من الرواية، تحصل أيضا على إذن حصري بالدخول إلى احتفال للذكور فحسب.

تتناول كل قصة موضوعًا جديدًا، بما في ذلك الإسلام، والإرهاب وخطف الأجانب. قالت باتاغليا إنها أرادت التطرق إلى كافة المواضيع التي قد يتوقع القراء إيجادها في كتاب حول بلد عربي، "لكن لتعالجها بطريقة تجعلهم يفهمون أنهم لا يعرفون شيئًا بشأنها".

مع تطور القصة، ستناقش المؤلفة المشاركة والشخصية الرئيسية الإسلام وطريقة فهمه في كل من الشرق والغرب مع أحد أهم شيوخ صنعاء. وتشمل المواضيع الأخرى المخدرات والاتجار بالأطفال بين اليمن والسعودية، وزواج الأطفال، والمجازر التي ترتكبها الطيارات بدون طيار والحجاب الإسلامي.

لا تقوم رواية باتاغليا على الانطباعات الشخصية وحدها بل أيضًا على البحث المعمق والمقابلات. تعرض كل قصة بلون يرمز إلى موضوعها: فهناك الأحمر لأحداث الحياة اليومية، والأزرق للتقارير على أرض الواقع حول القضايا المعقدة، والأصفر للروحانيات والمقارنة بين القيم الشرقية والغربية.

التقت كاناتيلا وباتاغليا في العام 2010 أثناء العمل على مشروعين منفصلين حول الموضوع عينه: حياة ماريا غرازيا كوتولي، مراسلة الشرق الأوسط المشهورة التي قتِلت بهجوم إرهابي بأفغانستان في العام 2001. ومنذ ذلك الحين، نشأت بينهما صداقة دائمة وتعاونا على الصعيد المهني. وفي العام 2013، طلبت باتاغليا من كاناتيلا أن ترسم لها بعض المشاهد من وجودها في اليمن لموقعها الالكتروني.

وأوضحت باتاغليا بقولها إن "أحد تلك المشاهد كان زفافًا يمنيًا حضرته – هو نفسه المذكور في مطلع الكتاب، وهو مشهد من الحياة اليومية، ليس عنوانًا رئيسيًا لكنه يختصر المجتمع اليمني".

ترد جوانب كثيرة للمجتمع اليمني في الرواية، بما في ذلك مشكلة زواج الأطفال المتفاقمة. وقد شرحت حياة الكينعي، رئيسة اتحاد نساء اليمن – فرع إب، وهي منظمة غير حكومية ترد في الكتاب، أن "عدد الزيجات المبكرة ازداد للأسف بسبب تدني مستويات المعيشة في ظل الحرب. ولن تذكر وسائل الإعلام شيئًا عن هذا الموضوع. لا بد إذًا من زيادة الوعي حول هذا الموضوع المغفل رغم أهميته".

وقالت كاناتيلا، "لم يسمح للورا بالتقاط صور أو تسجيل مقاطع فيديو في الزفاف، لذا أخبرتني عما رأته بكلماتها الخاصة، بقدر ما أسعفتها ذاكرتها، وأعدت خلق المشهد عبر الرسومات". انبثقت عن المشروع فكرة تحويل العدد الكبير من قصص باتاغليا القصيرة إلى رسوم كارتون. وقالت باتاغليا، "اخترنا صحافة القصص المصورة لأننا نعتقد أنها أفضل وسيلة لإخبار قصص معدة عن أحداث راهنة ببساطة بحيث تكون قادرة على الوصول إلى جمهور أوسع، من الشباب إلى الراشدين".

وشرحت كاناتيلا أن كلتيهما اختارتا القصص معًا. قدمت باتاغليا مواد الفيديو والصور لكل قصة، ثم كانت تحدد أكثر العناصر التي حركتها في القصة. "لم أكن أعرف اليمن إلا بشكل سطحي. ولإعداد رسوم الكارتون، بدأت أقوم بأبحاث معمقة على الانترنت انطلاقًا من قصص لارا وقصص الأشخاص الذين التقت بهم. لذا أعتبر أنني أنا أيضًا ذهبت إلى اليمن بطريقتي الخاصة جدًا".

قال اوستانل، ناشرهما، إن جودة العمل شكلت مفاجأة سارة، وذلك نتيجة استعمال مصادر واقعية وموثقة بالكامل.

وقالت كاناتيلا، "أنا أكره اختراع وجوه الشخصيات. حدث ذلك في بعض الأحيان عندما لم أكن أملك أي صور وأعتمد على وصف زميلتي. وهي، التي التقت بهم في الواقع، قالت لي إنّني نجحت في إعطائهم جميعًا الخصائص المناسبة".

على الرغم من المسافات التي غالبًا ما تفصل بين المؤلفتين لأسباب متعلقة بالعمل، تبقيان دائمًا على اتصال، لا سيما بخصوص التطورات المرتبطة بنتاجهما المشترك. وقد ازداد التواصل بينهما أكثر في الآونة الأخيرة مع تحضرهما لدخول سوق الناطقين باللّغة الانجليزية، فهما تتفاوضان حاليًا على عقد مع ناشر أميركي، ما يعني أن روايتهما المصورة، المتوفرة حاليًا باللغة الإيطالية فحسب، ستصدر قريبًا بنسخة إنجليزية لجمهور أوسع في العام 2018.

وقال اوستانل إن "الاهتمام الذي ولده هذا الكتاب، والتي تجلى من خلال إعادة الطبع في هذا الوقت القصير والطلبات من كافة أنحاء العالم بمقابلة المؤلفتين، مؤشر على وجود الاهتمام، وهو يزداد نتيجة الافتقار إلى مواد عن اليمن".

تجدر الإشارة إلى أن جوديث براون، وهي عاملة سابقة في المجال الإنساني في اليمن، هي من بين الناشطين الغربيين المعدودين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يناشدون زيادة الوعي حول الوضع الراهن في اليمن. وإن المواد المبدعة التي تلاقي استحسانًا لدى الجماهير، على غرار "العروس اليمنية"، قد تساعد على تحقيق ذلك الهدف.

واختتمت باتاغليا بقولها إنه "في حال شهدنا إقبالاً على النسخة الانجليزية، قد نفكر أيضًا بنسخة باللغة العربية كخطوة تالية للوصول أيضًا إلى شريحة جديدة وأساسية من القراء: أولئك [المتأثرون] بالقصص التي يرويها الكتاب".