"كتيبة الظل".. وحدة حوثية سرية تتوسع خارج اليمن بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني

تتزايد المؤشرات الميدانية والاستخباراتية على توسّع نشاط وحدة سرية داخل مليشيا الحوثي تُعرف بـ"كتيبة الظل"، وهي شبكة عمليات خارجية تُنفذ مهام تجسسية واغتيالات وتعقب مطلوبين خارج نطاق اليمن، في ظل تدريب وإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني، وفق مصادر أمنية واستقصائية متعددة لـ"إرم نيوز".

ورغم عدم اعتراف الحوثيين رسميًا بوجود هذه الوحدة، تؤكد مصادر أمنية يمنية في صنعاء أن "كتيبة الظل" تتبع ما يسمى بـ"الأمن الوقائي" بشكل منفصل عن جهاز الأمن والمخابرات الرسمي، وتتشكل من عناصر عقائدية مختارة من صعدة وعمران وحجة، تلقت تدريبات مكثفة في الاتصالات المشفرة، والتتبع البشري، والاختراق، والعمليات الخاصة.

مهام تتجاوز الحدود اليمنية

وتشير المصادر لـ"إرم نيوز" إلى أن الوحدة تتولى ملاحقة خصوم سياسيين وعسكريين خارج مناطق سيطرة الجماعة، وإدارة خطوط تهريب السلاح نحو البحر الأحمر والقرن الإفريقي، إضافة إلى إنشاء شبكات مخبرين في دول الجوار، وتنفيذ عمليات خطف وتسليم لمطلوبين تُصنفهم الجماعة كـ"عملاء للخارج".

كما تتعامل الكتيبة عبر شبكة اتصالات مغلقة لا يعرف تفاصيلها سوى دائرة محدودة يشرف عليها ضباط إيرانيون.

توسع لافت في القرن الإفريقي والعراق

ويكشف باحثون استقصائيون يمنيون أن نشاط الكتيبة اتسع بشكل كبير منذ عام 2023 في جيبوتي وإثيوبيا والصومال، بهدف إنشاء نقاط مراقبة غير رسمية لرصد حركة السفن، وتجهيز ممرات لوجستية لنقل قطع مسيّرات ومواد تصنيع عسكري.

كما تعمل على تجنيد يمنيين في الشتات مقابل مبالغ مالية أو تقديم حماية لعائلاتهم في الداخل.

كما تشير تقارير غربية، بينها تقارير Intelligence Online ومجموعة الأزمات الدولية (ICG)، إلى وجود خلايا حوثية ضمن شبكات إيرانية في القرن الإفريقي، وربطت بين نشاط تلك الخلايا وملف البحر الأحمر.

وفي العراق، تفيد معلومات حصل عليها صحفيون يمنيون بأن عناصر من "كتيبة الظل" شاركوا في تنسيق تدريبات داخل معسكرات فصائل موالية لإيران، مستفيدين من خبراتها في الأمن الميداني والتحقيق وإدارة المصادر البشرية.

وتدعم تقارير أمريكية هذه المعطيات، حيث تحدثت تقارير للبنتاغون عن "تزايد التنسيق بين الحوثيين وفصائل عراقية في تطوير المسيرات والعمليات البرية".

دعم إيراني مباشر وإعادة هيكلة داخلية

وبحسب مصادر أمنية يمنية لـ"إرم نيوز"، تلقّى عدد من عناصر الكتيبة بين 2022 و2024 دورات تدريبية في معسكرات الحرس الثوري في بندر عباس والأحواز، تشمل تحليل الإشارات الإلكترونية (SIGINT)، وبناء محطات اتصالات مشفرة، وتقنيات التسلل والاغتيال الصامت.

كما وصل خلال الأشهر الماضية إلى صنعاء والحديدة خمسة خبراء إيرانيين للمساعدة في إعادة هيكلة وحدات الاستخبارات الميدانية المرتبطة بالكتيبة، وفق المصدر ذاته.

تقارير استخبارات غربية تؤكد بدورها أن الحوثيين باتوا يمتلكون منظومة استخباراتية أكثر تطورًا مما كانت عليه قبل الحرب، وتشكل امتدادًا لعمليات "فيلق القدس" عبر البحر الأحمر.

أسباب التوسع: من الضغوط الدولية إلى الصراع الداخلي

وترى مصادر أمنية يمنية أن توسع "كتيبة الظل" تقف خلفه ثلاثة عوامل رئيسة بينها الضربات الأمريكية–البريطانية التي دفعت الجماعة لتأمين خطوط الإمداد خارج اليمن.

إضافة إلى الصراع الداخلي بين صعدة وصنعاء، إذ تسعى قيادة صعدة لبناء جهاز موازٍ يحد من نفوذ جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء.

ومن بين أسباب التوسع الاندماج في الشبكة الإقليمية الإيرانية الممتدة من العراق إلى لبنان، ما يفرض تطوير ذراع عمليات خارجية.

نحو نموذج "حزب الله اليمني"؟

يرى خبراء يمنيون أن "كتيبة الظل" تمثّل نواة مشروع أكبر يسعى الحوثيون من خلاله لبناء جهاز استخبارات خارجي على غرار نموذج حزب الله في التسعينيات، بهدف حماية خطوط التمويل والتهريب، وضمان استمرار المشروع السياسي والعسكري للجماعة حتى في حال تعرض صنعاء لضغوط أو حصار.

وتشير التقديرات إلى أن استمرار توسع هذه الكتيبة سيحوّل الحوثيين خلال السنوات المقبلة من جماعة مسلحة داخل اليمن إلى فاعل إقليمي يمتلك أذرعاً استخباراتية خارج الحدود، ما ينذر بمرحلة جديدة من التعقيد الأمني في منطقتي البحر الأحمر والقرن الإفريقي.