تقرير أممي يكشف عن تنسيق بين الحوثيين وتنظيم القاعدة وتعاون مع حركة الشباب الصومالية
كشف فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، عن تعاون وثيق بين مليشيا الحوثي، مع تنظيم القاعدة الإرهابي، عبر شبكة واسعة من العلاقات تشمل تهريب الأسلحة، والتدريب العسكري، وتجنيد الأطفال، في أنشطة تمسّ الأمن الإقليمي والدولي.
تنسيق أمني بين الحوثيين والقاعدة
وأوضح الفريق، في تقريره المكون من 43 صفحة والمقدم للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن قادة من الحوثيين وتنظيم القاعدة ينسقون أنشطتهم بشكل مباشر، استنادًا إلى اتصالات تم اعتراضها مؤخرًا.
وأشار التقرير إلى أن اثنين من عناصر تنظيم القاعدة نسقا أنشطة مشتركة مع أجهزة الأمن والمخابرات الحوثية، بما يخدم مصالح الطرفين.
ونقل التقرير عن مصادر وصفها بـ"السرّية والرسمية" أن التعاون بين الطرفين ازداد مؤخرًا، ليشمل تدريب عناصر القاعدة وتقديم العلاج الطبي لأعضائه داخل مناطق سيطرة الحوثيين. ولفت إلى أن المليشيا تتبع إستراتيجية قائمة على عقد تحالفات مرحلية لتعزيز قبضتها الأمنية والعسكرية في مناطق نفوذها.
التهريب والاتجار بالأسلحة
وكشف التقرير عن توسّع عمليات الاتجار بالأسلحة وتهريبها، مؤكدًا أن الحوثيين أصبحوا المورد الرئيسي والمتحكم في شبكات التهريب مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وحركة الشباب الصومالية، إضافة إلى شبكات تهريب إقليمية أخرى.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة شنت في 14 أبريل 2025 ضربة جوية استهدفت إحدى شبكات التهريب المرتبطة بالحوثيين، وأسفرت عن مقتل زعيمها وعدة عناصر آخرين.
وأكد التقرير أن تهريب الأسلحة يدرّ مكاسب اقتصادية كبيرة للحوثيين، ويمثل أحد أهم مصادر تمويلهم، فضلًا عن كونه وسيلة للالتفاف على قرارات حظر الأسلحة المفروضة على الجماعة، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن في اليمن والمنطقة.
علاقات عسكرية مع حركة الشباب الصومالية
وحول العلاقة بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة، أوضح التقرير أن الحوثيين أرسلوا مهندسين إلى مدينة "جلب" في الصومال لتدريب عناصر الحركة على تصنيع العبوات الناسفة، وتعديل الطائرات المسيّرة، وصيانة الأسلحة.
وبيّن التقرير أن نحو 400 عنصر صومالي سافروا إلى اليمن خلال الفترة الأخيرة لتلقي تدريبات عسكرية وأيديولوجية داخل مناطق سيطرة الحوثيين.
كما أشار إلى أن 13 شخصًا يخضعون حاليًا للمراقبة أو الملاحقة لتورطهم في أنشطة تهريب الأسلحة بين اليمن والصومال، مشيرًا إلى أن الصومال بات مركزًا لوجستيًا متزايد الأهمية لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين.
وأوضح التقرير أن عمليات التهريب تتم عبر قوارب صغيرة "مراكب شراعية" تنطلق من سواحل صومالية مختلفة، بينها قندلا ودردلة وعلولا ورأس الموج ورأس عسير وخور، ما يعكس مستوى التنظيم والتنسيق بين الطرفين.
تجنيد الأطفال على نطاق واسع
وفي جانب آخر، كشف تقرير الخبراء عن استمرار مليشيا الحوثي في تجنيد الأطفال بشكل ممنهج، مؤكدًا توثيق 214 حالة تجنيد مؤكدة خلال الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أن التجنيد يتم غالبًا بالإكراه أو مقابل حوافز مالية وتعليمية.
وأوضح التقرير أن عمليات التجنيد تتركز في محافظات صنعاء، عمران، حجة، البيضاء، وذمار، وتُدار من خلال وزارة التربية والتعليم التابعة للحوثيين، حيث يتم الضغط على الأسر لإرسال أطفالها إلى ما تُعرف بـ"الدورات الثقافية".
وأشار إلى أن الأسر التي ترفض إرسال أبنائها تُحرم من المساعدات الإنسانية مثل سلال الغذاء وغاز الطهي، فيما يتولى زعماء القبائل وعقال الحارات فرض رقابة مشددة لضمان تنفيذ التجنيد، بمشاركة "الزينبيات" اللواتي يمارسن ضغوطًا على الأمهات لتسليم أطفالهن.
برامج أيديولوجية وعسكرية للأطفال
وبيّن التقرير أن الأطفال في سن 10 سنوات يخضعون لدورات أيديولوجية تستمر 40 يومًا، يعقبها تدريب عسكري لمدة 45 يومًا للأطفال بين 15 و18 عامًا.
ويتم بعد ذلك توزيعهم على الجبهات، أو تكليفهم بمهام أخرى تشمل العمل كسائقين، ومرافقين شخصيين للقيادات، أو في نقاط التفتيش، أو في زرع الألغام، وتهريب المخدرات، والتصوير في الخطوط الأمامية لأغراض دعائية.
وأشار التقرير إلى أن الحوثيين يعمدون إلى تزويد الأطفال بمواد مخدّرة، مثل المهدئات والقات، لضمان الطاعة والانقياد الكامل لهم.
كما كشف التقرير عن تخريج ثماني دفعات من المجندين الأطفال، يبلغ عدد كل دفعة نحو 7 آلاف طفل، أي ما مجموعه نحو 56 ألف طفل تم تجنيدهم خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن بعضهم ينخرط في القتال طوعًا نتيجة الحاجة أو بفعل الأدلجة الدينية.
تحذير من التداعيات الإقليمية
وحذّر فريق الخبراء من أن استمرار الحوثيين في هذه الأنشطة – من تهريب السلاح والتعاون مع التنظيمات الإرهابية وتجنيد الأطفال – يهدد الأمن في اليمن والقرن الأفريقي والبحر الأحمر، ويقوّض الجهود الدولية الرامية إلى إحلال السلام.
وأكد التقرير أن المليشيا باتت تشكل محورًا مهماً في شبكات تهريب وتمويل عابرة للحدود، تربط بين اليمن والصومال والقرن الأفريقي، ما يستدعي تحركًا دوليًا جادًا لمواجهة هذا الخطر المتنامي.