سرقة القرن في باريس.. متحف اللوفر يقدّر خسائره بـ88 مليون يورو وتحقيقات تكشف تورط شركة إسرائيلية
شهدت العاصمة الفرنسية باريس واحدة من أكثر السرقات جرأة في تاريخها الحديث، بعدما أعلنت إدارة متحف اللوفر أن قيمة الأضرار الناتجة عن سرقة مجوهرات تاريخية نادرة قُدّرت بنحو 88 مليون يورو، وفق ما أفادت به المدعية العامة للعاصمة لور بيكو مساء الثلاثاء.
وقالت بيكو في تصريح لقناة RTL الفرنسية إن “الخسارة المادية، رغم ضخامتها، لا توازي الخسارة الثقافية التي أصابت التراث الفرنسي، إذ تمثل القطع المسروقة رموزًا نادرة من التاريخ الأوروبي”. وأكدت أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن العملية نفّذت باحترافية عالية، ما يرجّح ضلوع شبكة إجرامية منظمة فيها.
وأوضحت بيكو أن اللصوص تمكنوا من دخول المتحف صباح الأحد عبر نافذة تطل على نهر السين مستخدمين رافعة صيانة وسلّمًا قابلًا للسحب، قبل أن يحطموا واجهات العرض الزجاجية في صالة أبولون الشهيرة ويستولوا على الجواهر خلال أقل من خمس دقائق، ثم فروا على متن دراجتين ناريتين من طراز T-MAX.
وأشارت وزارة الداخلية الفرنسية في بيانها إلى أن اللصوص تصرفوا بـ“هدوء ومهارة”، مرجحة وجود تواطؤ داخلي سهّل دخولهم إلى أحد أكثر المتاحف حراسة في العالم، إذ تُعد المنظومة الأمنية في اللوفر من الأكثر تطورًا في أوروبا.
تحقيقات إسرائيلية في قلب القضية
وفي تطور لافت، كشفت القناة العبرية “أخبار 12” أن إدارة متحف اللوفر استعانت بشركة CGI الإسرائيلية، وهي شركة استخبارات خاصة يديرها رئيسا الشاباك السابقان يعقوب بيري وتسيفكا نافيه، للمساعدة في تتبع المسروقات وكشف هوية الجناة.
ونقلت القناة عن مصادر داخل الشركة أن فريقها عثر على أدلة رقمية تفيد بوجود تعاون بين أحد حراس أمن المتحف وعصابة السرقة، مشيرة إلى أن الموظف سرب معلومات دقيقة عن أنظمة المراقبة ومسارات الدوريات الليلية، ما مكّن الجناة من تنفيذ العملية خلال فترة وجيزة.
وقال نافيه في تصريح مقتضب إن شركته “لا تكشف عن هوية عملائها ولا طبيعة مهامها في إسرائيل أو خارجها”، لكنه أقر بأن “طلب إدارة اللوفر كان استثنائيًا”، مشيرًا إلى أن شركته سبق أن ساهمت في حل قضية سرقة مجوهرات بقيمة مليار دولار في دريسدن بألمانيا عام 2019.
خلفية على الشركة المثيرة للجدل
تعد شركة CGI من أكثر الشركات الإسرائيلية إثارة للجدل في مجال الأمن والاستخبارات الخاصة. وسبق أن تصدّرت الصحف الأوروبية عقب قضية اختطاف أبناء المليارديرة الألمانية كريستينا بلوخ، وهي العملية التي تورّط فيها إسرائيليون ذوو خلفية استخباراتية.
كما رفعت الشركة لاحقًا دعوى قضائية ضد صحيفة ألمانية وضابط الاستخبارات السابق فيرنر ماوس، المعروف بلقب “جيمس بوند الألماني”، إثر تقارير اتهمتها بالتورط في عمليات غير قانونية خارج إسرائيل.
الصدمة الثقافية الفرنسية
تُعد سرقة متحف اللوفر الأكبر في تاريخ المتاحف الفرنسية منذ عقود، وتشكل بحسب خبراء التراث “صفعة ثقافية” لفرنسا ولرمزية المتحف الذي يُعد قلب الذاكرة الفنية الأوروبية. ويضم اللوفر مجموعة من أثمن التحف في العالم، منها لوحة الموناليزا وتماثيل الحضارات القديمة.
ويرى مختصون أن الحادثة تفرض إعادة تقييم شاملة لأنظمة الأمن في المؤسسات الثقافية الكبرى، خصوصًا في ظل تصاعد الطلب على تجارة الآثار المسروقة والقطع النادرة في السوق السوداء الدولية.