فنانو صنعاء يصرخون من الجوع.. والحوثيون يردون باتهامات "العمالة والجاسوسية"

أحدثت تسجيلات مرئية نشرها عدد من الفنانين اليمنيين خلال اليومين الماضيين، موجة غير مسبوقة من التفاعل الشعبي، بعدما كشفوا فيها معاناتهم المعيشية تحت سلطة مليشيا الحوثي في العاصمة المختطفة صنعاء، الأمر الذي فجَّر سخطاً واسعاً في الشارع اليمني، ودفع الجماعة إلى رد فعل هستيري اتسم بالتهديد والتحريض واتهامات بالجاسوسية.

الجدل تفجّر عندما ظهر عدد من الفنانين من بينهم، أحمد حجر وسلطان الجعدبي وإبراهيم شرف الدين، في تسجيلات مصورة تداولها ناشطون على نطاق واسع، تحدثوا فيها بصراحة عن منعهم من مزاولة أعمالهم الفنية بقرار من سلطات مليشيا الحوثي، إضافة إلى توقف رواتبهم منذ سنوات، ما جعلهم عاجزين عن تلبية احتياجات أسرهم وسط تفاقم الجوع الذي قتلهم وتراكم الديون، حسب قولهم.

هذه الرسائل المؤثرة لامست وجدان الشارع اليمني، وأثارت موجة تضامن واسعة مع الفنانين، رافقها غضب عارم ضد ممارسات الجماعة التي تمعن في تجويع موظفي الدولة وقمع الأصوات المطالبة بحقوقها.

لكن بدلاً من التجاوب مع تلك المطالب الإنسانية، جاء رد الحوثيين متشنجاً، إذ أطلق القيادي البارز أحمد مطهر الشامي – وكيل وزارة الإعلام في حكومة صنعاء غير المعترف بها – تهديدات صريحة للفنانين، واصفاً إياهم بـ"الجواسيس" و"المأجورين"، في محاولة لتشويههم وإسكاتهم.

وقال الشامي في منشور على منصة "إكس" إن الفنانين الذين تحدثوا عن معاناتهم "تم استقطابهم من قبل الاستخبارات السعودية والإماراتية أثناء سفرهم إلى السعودية لأداء العمرة أو إلى العاصمة المصرية القاهرة"، زاعماً أنهم تلقوا تعليمات للتحريض ضد الحوثيين عبر الحديث عن تدهور الوضع المعيشي.

وادعاءات الشامي، التي قوبلت بسخرية واسعة، بدت مفارقة للواقع، خصوصاً أن جميع الفنانين الذين ظهروا في التسجيلات لم يغادروا صنعاء منذ سنوات، ما جعل تهم "العمالة" التي أطلقها القيادي الحوثي محط سخرية لاذعة في الأوساط الشعبية والإعلامية.

وبحسب مصادر مطلعة في وزارة الإعلام بصنعاء، يتقاضى الشامي مبالغ مالية طائلة من الوزارة تشمل رواتب وحوافز وبدلات مختلفة، في وقت تُترك فيه مئات الأسر دون مصدر دخل منذ سنوات، ما زاد من حدة الانتقادات ضده.

ولم يكتفِ الشامي بالتحريض الكلامي، بل دعا ناشطي الجماعة إلى شن حملة ضد الفنانين، متوعداً إياهم بيوم أسود "يتمنون أن أمهاتهم لم تلدهم"، في تهديد صريح باختطافهم أو تصفيتهم.

وتعيد هذه التهديدات إلى الأذهان حملات القمع السابقة التي طالت ناشطين ومؤثرين مثل أحمد حجر ومصطفى المومري وحمود الصباحي وآخرين، الذين اختطفتهم المليشيا وأخفتهم قسراً لأشهر قبل أن تحاكمهم بأحكام قاسية وصلت إلى الإعدام والسجن لسنوات، ثم أطلقت سراحهم بوساطات بعد مسرحيات قضائية هدفها بث الرعب وإسكات الأصوات المنتقدة.

ويرى حقوقيون أن الهجوم الهستيري من القيادي الحوثي يكشف حجم الارتباك الذي أحدثته تسجيلات الفنانين، التي عرّت فشل الجماعة في إدارة شؤون المواطنين وفضحت واقع الجوع والقهر في مناطق سيطرتها، مؤكدين أن حملة الشامي الأخيرة ليست سوى محاولة يائسة لإعادة تكميم الأفواه بعد أن تجاوز صدى الغضب الشعبي حدود صنعاء.