قرار حوثي يفرض وصاية طائفية على التاريخ اليمني لخلق طبقة بحثية موالية (وثيقة)

أثارت هيئة الآثار والمتاحف في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، جدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والبحثية، عقب إصدارها قراراً يقضي بـ"منع نشر أي نقش من نقوش محرم بلقيس – معبد أوام، أو أي نقش مسندي أو زبوري، إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الهيئة."

وأكد الباحث عبدالله محسن، أن القرار يمثل محاولة لاحتكار دراسة التاريخ اليمني القديم وفرض وصاية سياسية على البحث الأثري، من خلال قصره على دائرة محددة من الباحثين المتوافقين مع التوجهات الحوثية.

وأشار محسن، في نشر له على حسابه بموقع "فيسبوك"، اليوم الاثنين، إلى أن الهيئة تسعى من خلال هذا القرار إلى خلق طبقة بحثية موالية، في الوقت الذي تغاضت فيه لسنوات عن احتكار باحث عربي لنقوش معبد أوام، بحجة وجود اتفاق سابق بين "المؤسسة الأمريكية لدراسات الإنسان"، التي يديرها الدكتور زيدون زيد، وهيئة الآثار في صنعاء.

وأضاف أن الدكتور زيدون كان قد التقى قيادة الهيئة عام 2023م، وسلمها ملفاً يضم عدداً من الآثار اليمنية الموجودة بحوزة مؤسسته.

وأكد الباحث أن فتح المجال أمام جميع الباحثين وعلماء الآثار هو السبيل الأمثل لحماية التراث اليمني من التسييس والاحتكار، داعياً إلى تحييد البحث العلمي عن الهيمنة السياسية وتمكين الأكاديميين من دراسة النقوش والموروث التاريخي بحرية ومسؤولية علمية.

ويعكس القرار الحوثي، الذي حصلت "خبر" على نسخة منه، وصدر في 10 سبتمبر الماضي، حالة الخوف الذي خلقه التاريخ اليمني  للجماعة، وعدم شرعية القرار، حيث لم يستند إصداره على أي مادة أو نص قانوني ودستوري، مكتفياً -من خلاله- رئيس الهيئة بإسناده إلى القرار الجمهوري رقم (128) بإنشاء الهيئة العامة للآثار والمتاحف.

هوية طائفية 

في السياق ذاته، كشف مصدر رفيع في وزارة الثقافة والسياحة بحكومة صنعاء غير المعترف بها، أن التوجه الحوثي يهدف إلى تقويض جهود الباحثين والمؤرخين، باعتبار بحوثهم شهادات أكاديمية على عظمة الحضارة اليمنية التي تتعارض مع وهم الهوية الطائفية للجماعة.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن هذا التوجه ليس جديداً، بل تنفذه الجماعة على مراحل، بدأت بإهمال وتجريف المواقع التاريخية والأثرية، علاوة على تحويلها إلى ثكنات عسكرية عرّضتها لضربات مدمرة منذ اندلاع الحرب عقب انقلاب سبتمبر 2014.

وأشار إلى أن الجماعة تسعى، ضمن خطتها الأيديولوجية، إلى إحياء هوية الأضرحة والقباب ذات الطابع الطائفي التي تعود إلى مئات السنين، في محاولة لإعادة تشكيل الوعي الديني والتاريخي بما يخدم مشروعها السياسي.