غرفة عمليات مشتركة بين طهران وصنعاء.. معلومات استخباراتية تكشف عن مصانع نشطة للمخدرات
كشفت أجهزة الاستخبارات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عن معلومات مؤكدة تفيد بوجود مصانع نشطة لصناعة المخدرات داخل مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، في تطور اعتبره مسؤولون أمنيون تصعيداً خطيراً في نشاطات الجريمة المنظمة الممتدة في اليمن والمنطقة.
قال العميد عبدالله أحمد لحمدي، مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، إن الضبطيات النوعية التي نفذت خلال الأشهر الأخيرة أظهرت تحولاً جذرياً في أساليب التهريب، وانتقالاً إلى مرحلة جديدة من التصنيع المحلي، ما جعل اليمن "مقصداً وممراً أساسياً لعصابات وسمسرة المخدرات الإقليمية".
وأشار، في تصريح نشره موقع وزارة الداخلية، إلى أن هذا التحول جاء بعد تلقي تلك الشبكات "ضربات موجعة" في سوريا، الأمر الذي دفعها إلى نقل قواعد عملياتها إلى اليمن.
وأكد العميد لحمدي أن "نقطة التحول الكبرى" تمثلت في مصادرة أول مصنع متكامل لإنتاج الكبتاجون والشبو بمحافظة المهرة، حيث تم ضبط ستة متهمين يمنيين يشتبه بارتباطهم بشبكات تمويل ودعم لها صلة بميليشيا الحوثي، إضافة إلى وجود علاقات بخبرات أجنبية سبق ضبط عناصر منها في محافظتي المهرة وعدن.
أبرز الضبطيات خلال 2025
واستعرض أبرز الضبطيات خلال العام 2025، جاء من بينها، ضبط أول مصنع متكامل لإنتاج الكبتاجون والشبو في المهرة، و599 كيلوجراماً من الكوكايين النقي داخل شحنة سكر قادمة من البرازيل في ميناء عدن، بالإضافة إلى إحباط محاولة تهريب 646,290 حبة بريجابالين مخبأة داخل مركبة في مديرية دار سعد بعدن.
كما تم ضبط 314 كيلوجراماً من مادة الشبو و25 كيلوجراماً من الهيروين، و108 كيلوجرامات من الحشيش على سواحل لحج إثر اشتباك مع مهربين في عرض البحر، و432 كيلوجراماً من مادة الشبو عبر البحر الأحمر، وإحباط عملية تهريب في منفذ الوديعة تضمنت 13,750 قرص كبتاجون داخل شاحنة قادمة من صنعاء في طريقها إلى السعودية.
وتطرق إلى أنه تم كشف وكر تهريب في مضيق باب المندب وضبط قارب محمّل بـ28,500 قرص بريجابالين و150,000 حبة كبتاجون.
اتهام مباشر لإيران والحوثيين
حمّل العميد لحمدي مليشيا الحوثي "المسؤولية المباشرة عن مشروع منظم لإغراق اليمن والمنطقة بالمخدرات"، متهماً إياها بتلقي "دعم مباشر من النظام الإيراني" في هذا المجال. وطالب بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة تهريب وتصنيع المخدرات.
وأكد أن ما يجري "لم يعد مجرد تهريب محدود، بل شبكة إجرامية متكاملة تهدف إلى تحويل اليمن إلى ممر ومصنع لهذه السموم"، مشدداً على مواجهة هذه المخاطر بحزم وبالتنسيق مع الشركاء الأمنيين والعسكريين محلياً وإقليمياً.
شبكات عابرة للحدود
أوضح محللون أمنيون أن عمليات الضبط الأخيرة تعكس تحولاً ديناميكياً في نشاط تهريب المخدرات بالبحر الأحمر والمحيط الهندي، مع استغلال الفوضى والانقسام الأمني في اليمن كغطاء للتهريب والتصنيع العابر للحدود.
ودعوا، في حديثهم لوكالة "خبر"، إلى تفعيل آليات رقابة للخطوط البحرية والبرية، وتوسيع نطاق التعاون الاستخباري مع دول الجوار وحلفاء دوليين لكشف وملاحقة شبكات التمويل والتصنيع.
غرفة عمليات مشتركة
إلى ذلك، كشف مصدر أمني في وزارة الداخلية الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، أن الجماعة بدأت منذ أواخر 2015 بإغراق المحافظات المحررة والمناطق الخاضعة لها بأطنان من المخدرات، عبر شبكة واسعة للترويج المحلي والتهريب إلى السعودية، مدفوعة بمغريات الأرباح الهائلة.
وأكد المصدر لوكالة "خبر" أن المخطط كان يُدار من خلال غرفة عمليات مشتركة بين صنعاء وطهران، يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع أذرع حوثية، قبل أن تنتقل المهمة إلى جهاز الأمن الوقائي ثم جهاز الأمن والمخابرات.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، أن الحرس الثوري دفع بمئات الأطنان من المخدرات عبر البحر باتجاه ذراعه الحوثي، حيث استُخدمت أرباحها بشكل رئيسي في تمويل الحرب.
كما استُهدِف الشباب والمراهقون بدفعهم نحو الإدمان للسيطرة على عقولهم من جهة، وتمزيق النسيج الأسري والاجتماعي من جهة أخرى.
وساهم انتشار التعاطي في ارتفاع معدلات الجريمة الأسرية، بما في ذلك حوادث قتل داخل العائلات، إلى جانب تسلل المتعاطين إلى المكونات العسكرية واستخدام المخدرات كمنشطات أثناء القتال.
وأكدت مصادر رسمية في الحكومة الشرعية، أن الأجهزة الأمنية ستواصل حملاتها النوعية، مع التركيز على تفكيك شبكات التمويل واللوجستيات، وتعزيز الرقابة على المنافذ البحرية والبرية والجمركية، بالتنسيق مع شركاء دوليين، لملاحقة الامتدادات الخارجية لتلك الشبكات.