لجنة صحية تكشف بالوثائق مخالفات جسيمة في ترخيص وتشغيل مستشفى بتعز

كشفت لجنة متخصصة شكّلها مكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة تعز عن وجود مخالفات نظامية وجسيمة في منح ترخيص تشغيل واستثمار مستشفى الأحساني الخاص في مدينة تعز.

ووفق منصة "الإعلام الحر"، بينت اللجنة، عبر تقرير صادر عنها، بأنه تم منح الترخيص بشكل غير قانوني ودون استكمال الإجراءات النظامية، مما أدى إلى توقف العمل في أغلب أقسام المستشفى وعدم توافر الحد الأدنى من الشروط الفنية والصحية اللازمة لتشغيله.

اللجنة ذكرت أن تشكيلها وتحركها جاء بناءً على توجيهات المدير العام لمكتب الصحة العامة والسكان بتعز، وذلك بعد وورود شكوى مقدمة من كل من نبيل سيف أحمد الحكيمي ومحمد بجاش غالب الشرعبي ضد ممثل إدارة مستشفى الأحساني.

واتهم الشاكيان إدارة المستشفى بالامتناع عن تسليم قيمة الأرباح المستحقة لهما وفقاً للاتفاقية المؤقتة الموقعة مع "نشوان أحمد عبد الرقيب الحسامي" بتاريخ 10 أبريل 2023، والتي كانت نافذة من تاريخ توقيعها.

وأوضحت الشكوى أن المستشفى لم يتم إشهاره حتى تاريخه، كما لم يتم تسليم الأرباح الموضحة في الاتفاقية أو تقديم أي تقارير مالية، مما يشير إلى عدم الالتزام بنود الاتفاقية الموقعة.

وبالعودة إلى إجراءات اللجنة الميدانية، قالت إنها انتقلت إلى مستشفى الأحساني صباح يوم السبت الموافق 3 مايو 2025، وعقب وصول اللجنة، تبين عدم وجود مدير المستشفى أو المدير الفني، فتم الطلب من شخص يدعى "عماد السروي" (الموجود في المستشفى) التواصل مع مالك ترخيص المستشفى والمدير الفني للحضور، إلا أنه لم يحضر أي منهما، وقام السروي بتسهيل مهمة اللجنة أثناء تنفيذها للمهمة المكلفة بها.

ووفقاً لما نقله "الإعلام الحر"، قامت اللجنة بجولة شملت كافة أقسام المستشفى، بدءاً من قسم الطوارئ في الدور الأول وانتهاءً بقسم العمليات في الطابق الأخير، حيث تمت معاينة الكادر العلمي والفني والإداري الموجود أثناء الزيارة، بالإضافة إلى التجهيزات في مختلف أقسام المستشفى.

وسردت اللجنة العديد من الملاحظات والمخالفات، منها منح الترخيص بشكل غير قانوني، حيث تبين للجنة من خلال الاطلاع على ملف ترخيص فتح وتشغيل المستشفى أن الترخيص الصادر برقم (15/8/2023) وتاريخ 19 أغسطس 2023 باسم المالك "بلال محمد غنام" والمدير التنفيذي "نشوان عبد الرقيب الحسامي" والمدير الفني الدكتورة "إخلاص علي بدر محمد سعيد"، قد تم منحه من قبل الإدارة العامة المختصة بوزارة الصحة والسكان في عدن مباشرة، دون عرضه على لجنة المنشآت الطبية والإدارة المختصة بمكتب الصحة في تعز لاستكمال إجراءات منح الترخيص، وهذا يمثل مخالفة صريحة لنصوص المواد رقم (7، 12، 14، 15) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (132) لسنة 2004 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم (60) لسنة 1999 بشأن المنشآت الطبية والصحية الخاصة.

وأضافت، بأن الوضع التشغيلي المتدهور والمخالف للترخيص، فخلال الجولة الميدانية، وجدت اللجنة أن الوضع الفني الحالي للمستشفى لا يتوافق مطلقاً مع شروط الترخيص الممنوح، حيث كانت هناك تجهيزات غير مكتملة ولا تفي بالحد الأدنى للمعايير الفنية، والكادر الطبي والفني غير مكتمل بشكل كبير، مع عدم وجود المدير الفني للمستشفى أثناء الزيارة.

وقالت اللجنة، إنه "نتيجة للنقص الشديد في الكادر والتجهيزات، أصبحت أغلب الأقسام الحيوية خارجة عن الخدمة تماماً، بما في ذلك قسم العمليات وقسم العناية المركزة، والعيادات الخارجية، حيث كانت هذه الأقسام خالية من أي مرضى أو أنشطة طبية".

وتبين من سجلات قسم الاستقبال وجود خدمات طبية محدودة جداً تشمل فقط (طبيب عيون، طيب أسنان، طبيب باطنية)، طبقاً لما نقلته منصة "الإعلام الحر" عن تقرير اللجنة.

وبشأن المخالفات في ملف المنشأة ووثائقها، تبين للجنة أن ملف المنشأة يخلو من عقود عمل للكادر الطبي (سواءً الأجنبي أو المحلي)، كما يخلو من تراخيص مزاولة المهنة للعاملين به، كما أنه لا توجد لائحة داخلية تنظم العمل داخل المستشفى، موضحة أن الكادر المعلن عنه أثناء منح الترخيص (6 أجانب، 53 محلياً، 37 فنياً، 22 إدارياً) لكن تبين أن المستشفى خالٍ من أي حضور أو وجود لذلك الكادر باستثناء 3.

وأبدت اللجنة استغرابها من إفادات مالك المستشفى، مبينة أنه أثناء الاستماع إليه، أفاد "بلال محمد غنام" بأن القضية مع الشاكيين منظورة أمام إدارة البحث الجنائي وتم الرد عليها، كما ادعى أن المستشفى يمر بأربع مراحل، وأنهم حالياً في "المرحلة الثالثة" والتي وصفها بمرحلة "التشغيل الجزئي"، على أن "المرحلة الرابعة" ستكون مرحلة "اكتمال الجاهزية والافتتاح" والتي سيسبقها حملة دعائية كبيرة، مشيرة إلى أن "هذه الإفادات تتعارض مع الواقع الميداني الذي أثبت توقف المستشفى وخلوه من النشاط".

وخلصت اللجنة إلى أن الوضع القانوني والفني الحالي لمستشفى الأحساني مخالف تماماً لشروط الترخيص الممنوح له، ويتعارض مع أحكام القانون رقم (60) لسنة 1999، بشأن المنشآت الطبية والصحية الخاصة، ولائحته التنفيذية، كما أن منح الترخيص أصلاً لم يستوف الإجراءات والشروط القانونية، حيث تم بشكل غير نظامي.

ووضعت اللجنة توصيات منها، "وجود حالات قانونية تسمح بسحب ترخيص المستشفى المخالف وفقاً لأحكام المادة (33) من القانون رقم (60) لسنة 1999، وإعادة النظر في الترخيص، حيث طالبت اللجنة الجهة المصدرة للترخيص (الإدارة العامة بوزارة الصحة في عدن) بإعادة النظر في ترخيص التشغيل الممنوح للمستشفى بناءً على ما ورد في تقرير التقييم الفني للجنة والملاحظات والاستنتاجات، والتصرف بشأنه وفقاً لأحكام المادة (10) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (132) لسنة 2004، كون الاختصاص بإيقاف أو إلغاء الترخيص المخالف ينعقد للوزير.

وبينت اللجنة أن الاختصاص بالتحقيق والفصل في الشكوى المالية المقدمة من المساهمين، والتحقق من صحة الاتفاقيات والصفة القانونية للأطراف الموقعة عليها، ينعقد للجهات القضائية المختصة، وعلى الشاكين اللجوء إليها للفصل في النزاع وفقاً للقانون.

كما أوصت اللجنة بعرض نتائجها وتوصياتها على إدارة المنشآت الطبية الخاصة بالوزارة للاطلاع والتوجيه، وكذلك على القطاعات العامة المختصة بالوزارة للتصرف بشأن ما ورد من مخالفات وفقاً للقانون.

واختتمت اللجنة بأن هذا التقرير كشف عن ثغرة خطيرة في نظام الرقابة على المنشآت الصحية الخاصة، حيث تم منح ترخيص لمستشفى لا يستوفي أدنى الشروط، مما يعرض صحة المرضى للخطر ويشكل خطراً على السلامة العامة، كما يثير تساؤلات حول الإجراءات التي تمت داخل الوزارة لمنح هذا الترخيص بشكل متجاوز للقانون واللوائح المعمول بها.