43 عاماً على التأسيس: المؤتمر الشعبي العام.. بين إرث الدولة ومعركة الجمهورية

يُحيي حزب المؤتمر الشعبي العام، اليوم، الذكرى الـ43 لتأسيسه، مستحضراً إرثاً سياسياً امتد لثلاثة عقود من الحكم، أسهم خلالها في تعزيز الهوية الوطنية والدفاع عن مكتسبات ثورة 26 سبتمبر الخالدة، التي أنهت حقبة مظلمة من الحكم الإمامي البائد في شمال اليمن.

منذ تأسيسه في 24 أغسطس 1982م، شكّل المؤتمر الشعبي العام إطاراً سياسياً جامعاً استوعب مختلف التيارات والأطياف الوطنية، وجعل من مشروع الدولة الوطنية هدفاً استراتيجياً له.

وعلى مدى سنوات قيادته للبلاد، لعب الحزب دوراً محورياً في ترسيخ مبادئ الجمهورية وصون أهداف ثورة سبتمبر التي حلم بها اليمنيون فجر عام 1962م.

وفي السياق، يقول عضو المكتب السياسي في حزب الشعب الديمقراطي "حشد"، ناجي بابكر، إنّ سنوات حكم المؤتمر مثّلت مرحلة ترسيخ مؤسسات الدولة الحديثة، وبلورة الهوية الوطنية الجامعة التي تجاوزت الانتماءات الضيقة، عبر برامج التنمية والتحديث، وتوسيع دائرة المشاركة السياسية.

كما نجح الحزب، وفقاً للقيادي بابكر، في تحقيق قدر من الاستقرار السياسي رغم التحديات الداخلية والخارجية، وهو ما ساهم في حماية النظام الجمهوري من محاولات الانقضاض عليه.

وأشار إلى أنّه في الوقت الذي كان المؤتمر الشعبي العام يقود مسار بناء الدولة، لم تكف القوى السلالية المنحدرة من بقايا الحكم الإمامي عن السعي للنخر في جسد النظام الجمهوري. فمنذ اللحظات الأولى لانتصار ثورة سبتمبر، لجأت هذه القوى إلى إشعال الحروب والدفع بالانقلابات العسكرية المتكررة في محاولة لاستعادة نفوذها البائد، وإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.

 

تقويض المؤسسات الوطنية

على الصعيد نفسه، يقول سياسيون لوكالة خبر، إنّ هذه القوى لم تتوقف عن استغلال أي فراغ أو ضعف سياسي للتسلل إلى مفاصل الدولة والعمل على تقويض المؤسسات الوطنية من الداخل، وصولاً إلى انقلاب 21 سبتمبر/ أيلول 2014 الذي جسّد أخطر محاولة للانقضاض على النظام الجمهوري، مستنداً إلى خطاب سلالي يسعى لإحياء مشروع الإمامة بصيغة جديدة.

ولفتوا إلى أنّ محاولات إضعاف الدولة –وإن شاركت فيها قوى محلية تعمل وفق أجندة خارجية– اشتدت وتيرتها عقب تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990 وحتى فوضى ربيع 2011، وهي المرحلة التي شهدت ازدهاراً سياسياً واقتصادياً وحقوقياً تُوِّج بالانتخابات الرئاسية والمحلية، لتشكّل نموذجاً ديمقراطياً فريداً في منطقة الشرق الأوسط.

واستمر حزب المؤتمر، ممثلاً برئيسه الرئيس اليمني الأسبق الزعيم علي عبدالله صالح، محافظاً على هذا المنجز حتى آخر يوم له في رئاسة البلاد، متوجاً هذا النضال الديمقراطي بنقل السلطة إلى المرشح التوافقي عبدربه منصور هادي عبر انتخابات مباشرة شهدها اليمن في 21 فبراير 2012.

 

اختراقات الجدار الجمهوري

ويرى مراقبون للشأن اليمني أنّه رغم الظروف العاصفة التي مر بها المؤتمر الشعبي العام في السنوات الأخيرة، لا يزال الحزب يمثل ركيزة أساسية في المشهد الوطني، ويحمل إرثاً سياسياً يصعب تجاوزه.

ويؤكد المراقبون أنّ محاولات القيادات المنحدرة من الجماعات السلالية لإحداث اختراقات في الجدار الجمهوري أثبتت أنّ حزب المؤتمر –وإن لم يكن الوحيد– يظلّ ركناً أساسياً في حماية الجمهورية لأكثر من ثلاثة عقود، وكان بمثابة الحارس الأمين لأهداف ثورة سبتمبر في وجه المشاريع الضيقة التي تهدد هوية اليمن ووحدته الوطنية. وهو ما أكسبه قاعدة جماهيرية واسعة تزداد اتساعاً كلما حاولت القوى الإمامية النيل من المكتسبات الوطنية التي لم يتوانَ عن الدفاع عنها.

وفي ذكرى تأسيسه الثالثة والأربعين، تتجدد الحاجة إلى استلهام تجربة المؤتمر الشعبي العام كإطار وطني جامع يتجاوز الولاءات الضيقة، وإلى استعادة روح ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بالاستبداد الإمامي، وأعادت لليمنيين حقهم في الحرية والكرامة، في مواجهة محاولات الارتداد إلى عهود الظلام.