عدن ومدن يمنية أخرى تغرق بالسيول وسط غياب المعالجات الجذرية

في الوقت الذي غرقت فيه شوارع العاصمة المؤقتة عدن، الثلاثاء، بمياه الأمطار والسيول وطفح المجاري، يتجدد الجدل حول مصير التمويلات الدولية الضخمة المخصصة لمشاريع المياه والصرف الصحي والإصحاح البيئي في اليمن، والتي تجاوزت مليار دولار بين عامي 2015 و2024، دون أن تُترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.

فبينما يعيش المواطنون في عدن ومدن أخرى كارثة بيئية متكررة كل موسم أمطار، أعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC) أن صندوق الطوارئ للاستجابة للكوارث (DREF) خصص مؤخرًا 220 ألف فرنك سويسري (حوالي 272 ألف دولار أمريكي) لتمويل إجراءات استباقية تهدف إلى الحد من تأثير الفيضانات في اليمن. ووفقًا لتقرير الاتحاد، جرى تخصيص 90 ألفًا و662 فرنكًا لتمويل أنشطة الجاهزية المسبقة وتخزين المواد الإغاثية خلال النصف الثاني من عام 2024، إلى جانب شراء أطقم للمأوى الطارئ وأدوات إسعافات أولية ومواد نظافة.

لكن على أرض الواقع، تبدو الفجوة شاسعة بين ما يُعلن من أرقام ووعود وما يعيشه اليمنيون. فمشاهد غرق الشوارع في عدن، وانهيار شبكات الصرف الصحي، وطفح المجاري وسط الأحياء السكنية، كشفت هشاشة البنية التحتية وغياب أي أثر عملي لهذه المشاريع. بل إن ناشطين يؤكدون أن الأموال الضخمة التي ضُخت عبر قنوات حكومية ومنظمات منفذة – بعضها كان يمر من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين – لم تنعكس سوى على الورق.

وفي أبين، أدى تدفق السيول في عدد من الأودية إلى جرف سيارات بينها مركبة كانت تقل أسرة مكونة من عشرة أشخاص، نجا أفرادها بعد أن احتموا بالجبال. كما ارتفع منسوب المياه في واديي "بنا" و"حسان" بصورة تنذر بموسم مائي غزير، لكن المزارعين في دلتا أبين حمّلوا السلطات المحلية مسؤولية إهدار هذه المياه بسبب فشلها في إصلاح الحواجز والمنشآت المائية خلال فترة الجفاف الماضية.

أما في وادي المقاطرة الرابط بين تعز ولحج، فقد جرفت السيول أربع مركبات بينها شاحنة، وتسببت في قطع الطريق الحيوي الرابط بين تعز وعدن، مما ضاعف معاناة المسافرين وألحق أضرارًا بالغة بالطرق البديلة.

كل هذه المشاهد المأساوية تضع علامات استفهام كبرى على جدوى التمويلات الدولية وأداء السلطات المحلية والمنظمات العاملة، في ظل استمرار الأوضاع على حالها، ما يجعل الحديث عن "الإجراءات الاستباقية" و"تعزيز الجاهزية" أقرب إلى شعارات متكررة لا تسمن المواطن اليمني ولا تغنيه عن مواجهة السيول بوسائل بدائية وسط مدن تغرق عامًا بعد عام.