المولد النبوي.. موسم الجبايات الحوثية وإطلاق التهديدات وتهم التخوين للتجار والمواطنين
في الوقت الذي يعيش فيه ملايين اليمنيين أوضاعاً اقتصادية ومعيشية خانقة، حوّلت مليشيا الحوثي الإرهابية الاحتفال بالمولد النبوي إلى موسم سنوي لفرض الإتاوات وجمع الأموال من التجار والمواطنين، تحت ذرائع دينية وشعارات سياسية، في ممارسة تُفاقم معاناة الناس وتؤجج الغضب الشعبي في مناطق سيطرتها.
أكدت مصادر تجارية لوكالة خبر، أن مليشيا الحوثي صعّدت هذا العام من حملات الجباية، فارضة مبالغ مالية باهظة على جميع الشرائح، تأتي في مقدمتها شركات كبرى ومصانع، وتصل المبالغ المفروضة على بعضها إلى ملايين الريالات، بينما تفرض على المتاجر والمحال الصغيرة إتاوات تتراوح بين 100 ألف إلى 500 ألف ريال بحسب حجم النشاط.
ولم تسلم بسطات الباعة المتجولين من الجبايات، إذ يُجبر أصحابها على دفع مبالغ تبدأ من 10 آلاف ريال، في وقت لا يتجاوز دخلهم اليومي هذا المبلغ.
المصادر أوضحت أن هذه الأموال لا تُنفق على فعاليات المولد كما يزعم الحوثيون، وإنما تُحوّل إلى صناديق الجماعة لتمويل نشاطها العسكري ومجهودها الحربي.
تهديدات وتخوين
في محافظات صنعاء، وعمران، وذمار، وحجة والضالع، دفع الحوثيون بمشرفيهم لتنفيذ حملات ضاغطة على القرى والمديريات.
ويقول مواطنون لوكالة خبر، إن رفض التبرع يُصوّر على أنه "تخادم مع أمريكا وإسرائيل"، وهي تهمة جاهزة تُستخدم لإرهاب الناس.
ويضيفون أن هذه الحملات غالباً ما تنتهي بتلفيق تهم كيدية ضد غير القادرين على الدفع، في ظل ظروف معيشية مأساوية جراء توقف رواتب الموظفين منذ أكثر من تسع سنوات، وارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
أرقام صادمة
ووفق بيانات الأمم المتحدة، فإن 70% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما هناك أكثر من 80% من الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثي محرومون من رواتبهم منذ 2016.
وارتفعت أغلب أسعار السلع الأساسية أكثر من عشرة أضعاف خلال السنوات الأخيرة، ويرجع جزء كبير من ذلك إلى الجبايات والرسوم غير القانونية.
أثر اقتصادي مباشر
من جانبهم، اعتبر خبراء اقتصاديون أن "هذه الجبايات المفروضة بشكل موسمي ومنهجي أسهمت في إنهاك القطاع الخاص، وأدت إلى رفع أسعار السلع الأساسية، وهو ما انعكس مباشرة على المواطنين الذين يواجهون أصعب أزمة معيشية في تاريخ اليمن الحديث".
وأجمعوا في تصريحاتهم لوكالة خبر، أن "توظيف المناسبات الدينية لفرض إتاوات باهظة يكشف أن الحوثيين لا يتعاملون معها كقيم روحية وإنما كوسيلة لتمويل سلطتهم العسكرية".
ويرى مراقبون وباحثون أن المليشيا حوّلت مناسبة المولد النبوي من حدث ديني عظيم يرمز للرحمة والعدالة إلى أداة سياسية ومالية لفرض هيمنة اقتصادية واجتماعية، مؤكدين أن الجماعة أبعد ما تكون عن نهج النبي الكريم، بعدما أفرغت رسالته من مضامينها الإنسانية وقدمتها كامتياز حصري لسلالة محددة.
واتفقوا على أن الجماعة "قدمت النبي الكريم كرمزية محصورة بسلالة محددة، متجاهلة رسالته العالمية القائمة على الرحمة والعدل".
وبهذه الممارسات، تحوّل المولد النبوي في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي من مناسبة دينية جامعة إلى موسم للجبايات ووسيلة لإحكام السيطرة على المجتمع، فيما يبقى المواطن اليمني هو الخاسر الأكبر، بين فقر مدقع وجوع متصاعد ونهب مستمر باسم الدين والشعارات.