من يقف وراء الهجمات الأخيرة ضد إقليم كردستان العراق؟
خلال أقل من 48 ساعة، استهدف هجومان حقلا للغاز تديره شركة إماراتية في إقليم كردستان العراق، لا يُستبعد أن تقف خلفهما ميليشيات موالية لطهران لعدة أسباب، بعضها سياسية والأخرى اقتصادية بحتة، وفق مراقبين.
واستهدف هجوم صاروخي، الجمعة، شركة دانة غاز الإماراتية المشرفة على تشغيل حقل كورمور الغازي في قضاء جمجمال التابع لمحافظة السليمانية، وفقا ما أفاد مصدر أمني رفيع لقناة "الحرة".
وقبل ذلك بيومين أعلن جهاز مكافحة الإرهاب بمحافظة السليمانية في بيان أن صاروخ كاتيوشا استهدف الحقل ذاته من دون أن يتسبب بوقوع أضرار مادية أو إصابات.
ويمتلك كونسورتيوم اللؤلؤة وشركة الطاقة الإماراتية دانة غاز ووحدتها التابعة نفط الهلال، حقوق استغلال حقلي كورمور وجمجمال، وهما من أكبر حقول الغاز في العراق.
وفي مطلع الشهر الماضي استهدف هجوم صاروخي مماثل مصفاة كار بأربيل مما أسفر عن اندلاع حريق بأحد خزانته وتمت السيطرة عليه.
وأعلنت سلطات مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان أن ستة صواريخ سقطت قرب المصفاة، مضيفة أنها أطلقت من محافظة نينوى.
وقالت قوات الأمن إنها عثرت على منصة إطلاق معبأة بأربعة صواريخ في سهل نينوى عقب الهجوم وإنها تمكنت من إبطال مفعولها.
وكانت ثلاثة صواريخ قد سقطت قرب نفس المصفاة في السادس من أبريل دون أن تتسبب في سقوط ضحايا أو أضرار.
ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن جميع هذه الهجمات، لكن جماعات مسلحة يقول بعض المسؤولين العراقيين إنها مدعومة من إيران أعلنت مسؤوليتها في السابق عن هجمات مماثلة استهدفت الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي.
يربط القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني رشاد كلالي الهجمات الأخيرة ضد حقول النفط والغاز في الإقليم بالصراع الدائر حاليا بين القوى السياسية حول تشكيل حكومة جديدة في البلاد.
ويقول كلالي لموقع "الحرة" إن "الصراع الداخلي بين القوى السياسية، هو المحرك الرئيس لهذه الهجمات"، مضيفا أن "القوى الممثلة للحشد الشعبي تحاول فرض شروطها على إقليم كردستان والضغط من أجل تشكيل الحكومة".
ويتابع كلالي أن "هذا اتجاه جديد وورقة من أجل الضغط على الكرد حتى يتفقوا مع الإطار التنسيقي".
واتهم كلالي أطرافا موالية لطهران تمتلك أذرعا مسلحة بالوقوف خلف تلك الهجمات "خاصة وأن "جميع الهجمات التي استهدفت الإقليم انطلقت من مناطقة خاضعة لسيطرتها".
وتزامن الهجومان الأخيران في إقليم كردستان مع استحوذ تحالف الاطار التنسيقي الذي يتألف من أحزاب شيعية موالية لإيران على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية الذين استقالوا جماعيا من البرلمان العراقي، ما جعله القوة الأولى في المجلس واتاح له تشكيل الحكومة المقبلة.
وأراد التيار الصدري الذي رأس تحالف "إنقاذ وطن" مع كتلة "تقدم" السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والحزب الديموقراطي الكردستاني، تشكيل حكومة غالبية مؤكدا أن لهم غالبية في البرلمان (155 نائباً).
أما الإطار التنسيقي فكان يقول إنه يمتلك كتلة تضم نحو 100 نائب، ودفع باتجاه تشكيل حكومة توافقية تضم الأطراف الشيعية كافة كما جرى عليه التقليد السياسي في العراق منذ سنوات.
ورغم تراجع الكتلة السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي في الانتخابات الأخيرة، تبقى هذه التشكيلات التي يقدر عدد مقاتليها بـ160 ألف عنصر فاعلا مهما على الصعيد الأمني والسياسي في البلاد.
ويعتقد كلالي كذلك أن الاتفاق الأخير القاضي بتصدير الغاز من إقليم كردستان باتجاه أوروبا قد يكون أيضا محركا أساسيا لمثل هكذا هجمات، متحدثا عن ضغوط إيرانية واضحة تمارس في هذا الاتجاه تنفذها فصائل موالية لإيران في العراق.
في مارس الماضي نشرت وكالة رويترز تقريرا قالت فيه إن مصادر عراقية وتركية وأميركية أفادت بأن خطة وليدة لإقليم كردستان العراق لتزويد تركيا وأوروبا بالغاز بمساعدة إسرائيل تعد جزءا مما أغضب إيران ودفعها لقصف أربيل بـ12 صاروخا باليستيا في وقت سابق.
وأصابت معظم الصواريخ فيلا رجل الأعمال الكردي باز كريم البرزنجي الذي يعمل في قطاع الطاقة في إقليم كردستان العراق.
وأكد مسؤولون عراقيون وأتراك تحدثوا إلى رويترز بشرط عدم الكشف عن هويتهم أنهم يعتقدون أن الهجوم، الذي تبناه الحرس الثوري، كان بمثابة رسالة متعددة الجوانب لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، غير أن الدافع الرئيسي كان خطة لضخ الغاز الكردي إلى تركيا وأوروبا بمشاركة إسرائيل.
وقال مسؤول أمني عراقي لرويترز إنه "كان هناك اجتماعان في الآونة الأخيرة بين مسؤولي الطاقة والمتخصصين الإسرائيليين والأميركيين في الفيلا لمناقشة شحن غاز كردستان إلى تركيا عبر خط أنابيب جديد".
وقال المسؤول الأمني العراقي ومسؤول أميركي سابق مطلع على الخطط إن رجل الأعمال الكردي الذي أصيب منزله بالصواريخ الإيرانية، كان يعمل على تطوير خط أنابيب لتصدير الغاز.
وتؤكد رويترز أن المسؤولين العراقيين والأتراك لم يعط تفاصيل محددة عن خطة ضخ الغاز من كردستان العراق إلى تركيا ولم يحددوا إلى أي مرحلة وصلت أو ما دور إسرائيل في المشروع.
وأضاف المسؤول الأمني العراقي والمسؤول الأميركي السابق أن مجموعة كار النفطية المملوكة للبرزنجي تعمل على تسريع خط أنابيب الغاز.
في هذا السياق يرى الكاتب والباحث في الشأن السياسي كفاح سنجاري أنه "بات واضح جدا منذ البداية أن من يستهدف المنشآت النفطية في الإقليم لهم علاقة بصراع الطاقة في المنطقة".
وقال سنجاري لموقع "الحرة" إن "الإيرانيين يعدون من المنتجين الرئيسيين للغاز وبسبب الحصار المفروض عليهم هم غير قادرين على تصديره"، مضيفا أن "اكتشاف كميات هائلة من الغاز مؤخرا في كردستان والبدء بتطوير الحقول، شجع الفصائل الموالية لطهران على الضغط على الإقليم من خلال استهداف شركة كار، وكذلك شركة دانة".
ويبين سنجاري، الذي عمل سابق مستشارا في رئاسة إقليم كردستان، أن "كل المؤشرات التي أعلنتها السلطات الأمنية في الإقليم تقول إن الهجمات انطلقت من مناطق خاضعة لسيطرة هذه المليشيات التي ينضوي بعضها في الحشد الشعبي".