كيف تعمل المليشيا من خلف ستار "وقف إطلاق النار".. مجلة أمريكية تحذّر من غدر الحوثيين في الحديدة

حذرت مجلة "ذا ترامبيت" الأمريكية، في تقرير حديث لها، من غدر الحوثيين -ذراع ايران- في الحديدة، واستغلالهم وقف إطلاق النار في مدينة وموانئ الحديدة لمواصلة أعمالهم الخبيثة.

وقالت المجلة، رغم أن اليمنيين يتشبثون بأي أمل لإنهاء الحرب في بلادهم، لكن ما يثير القلق هو سجل إيران التاريخي وأذرعها -الحوثيون- في استغلال وقفات إطلاق النار لمواصلة أعمالها الخبيثة في مناطق النزاع من وراء الستار.

وذكرت المجلة، أن اتفاق وقف إطلاق النار بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، دخل حيز التنفيذ، في 18 ديسمبر، في منتصف الليل بالتوقيت المحلي.

وبحسب المجلة، قد يرى البعض أن هذا الاتفاق يرضي المجتمع الدولي بشكل عام، لكنه محفوف بالمخاطر، لاسيما أنه يضمن بقاء وجود إيراني في اليمن. وبحسب بنود الاتفاق، من المتوقع انسحاب الحوثيين المدعومين من طهران، والقوات اليمنية، من مدينة الحديدة في غضون 21 يوماً، على أن ترسل الأمم المتحدة قوة لحفظ السلام من أجل الإشراف على وصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد بشكل آمن.

وأشارت "ذا ترامبيت" إلى أن الحرب في اليمن لم تبدأ إلا عندما اجتاح المتمردون الحوثيون في العام 2014 العاصمة صنعاء، واقتحموا المجمع الرئاسي، وأجبروا الرئيس اليمني وحكومته على الاستقالة، وحلوا البرلمان، وأنشأوا لجنة ثورية جديدة.

ورغم فشل مليشيا الحوثيين في السيطرة على عدن بشكل ناجح، لكنهم سيطروا على ميناء ومدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، وهي منطقة عبور حيوية لكل من السلع الإنسانية للشعب اليمني والأسلحة الإيرانية للمتمردين الحوثيين.

ورغم أن بنود الاتفاق تنص على تسليم الحديدة لسيطرة الأمم المتحدة، ما يعني أن المليشيا ستفقد السيطرة على الميناء الاستراتيجي، لكن المجلة الأمريكية ترى أن الانتصار الحقيقي لإيران هو في ترسيخ عملائها الحوثيين في اليمن وخاصة في المناطق الشمالية حيث العاصمة صنعاء.

وتذكر المجلة الأمريكية بسيناريو مماثل حدث في سوريا، عندما دعت الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار، وخلال تلك الفترة، استغل بشار الأسد وروسيا وإيران الهدنة وحصنت مواقعها. كما ذكرت المجلة في سيناريو آخر مماثل تماماً ولكن في لبنان، عندما عززت إيران قوة جماعة حزب الله في أعقاب اتفاق أممي، إلى أن أصبحت هذه الجماعة أقوى وأعتى من الجيش اللبناني نفسه.

وحذرت مجلة "ذا ترامبيت" الأمريكية، من أن هذا السيناريو قد يتكرر فعلاً في اليمن لو استمرت الشروط العامة لوقف إطلاق النار على ما هي عليه الآن، ومما لا شك أن ذراع إيران ستعمل على ترسيخ نفسها في البلاد.

ولفتت أن إيران تزود الحوثيين باستمرار، على الرغم من أنها تنفي هذا الادعاء. لكن سبق أن أقرت الأمم المتحدة، بعد أن فحصت صواريخ حوثية أطلقت على الرياض في مارس وإبريل، أن "سمات الصواريخ تطابق سمات الصواريخ الإيرانية من طراز قيام 1". وفي تقريره في يونيو، أشار أنطونيو غوتيريش إلى أن "حطام 5 صواريخ أطلقت على المملكة، تشاركت خصائص تصميم الصواريخ الإيرانية، وبعض مكوناتها مصنوعة في إيران".

وتؤكد المجلة أن السعودية لا يمكن أن تتسامح مع وجود وكيل إيراني في شبه الجزيرة، يهدد أمنها ويهدد حركة ملاحة البحر الاحمر.

مشيرة إلى النفوذ الإيراني المتنامي في الشرق الأوسط عبر استراتيجية تتمثل في تعيين وكلاء لطهران في كل بلد. وقد كتبت "ستراتفور" عن هذا النفوذ بالقول إن "طهران قوة صاعدة تعمل على ملء فراغ السلطة في بلدان عدة، عبر شبكة وكلاء محليين ونشطاء سريين، واليمن بالتأكيد واحدة من تلك البلدان الرئيسة في العالم".

وتقع اليمن على مضيق باب المندب، أحد طرق الشحن الحيوية، ومر عبره حوالى 4.8 مليون برميل نفط يومياً في عام 2016، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة.

ويعتبر المضيق مهماً لاقتصاد السعودية. ووفقاً لبيانات بلومبرغ لتتبع ناقلات النفط، قامت السعودية هذا العام بشحن 600 ألف برميل من النفط يوميًا من الخليج، وحول شبه الجزيرة العربية ومن خلال مضيق باب المندب في طريقها إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

وفي هذا الصدد، تؤكد المجلة الامريكية، أن أحد أهداف "الدفع" الإيراني، خنق الرياض على البوابات البحرية مثل باب المندب. وهذا ما يجعلنا ندرك بسهولة الأسباب التي تدفع إيران إلى دعم الحوثيين بشكل دؤوب، حيث تريد إيران الاحتفاظ بموطئ قدم قوي في اليمن، بإنشاء ذراعهم -الحوثيين- وتزويدهم بالصواريخ المدمرة تماماً كما تفعل مع حزب الله في لبنان.

وحذرت مجلة "ذا ترامبيت" الأمريكية، في ختام تقريرها، من أنه في حال استمر وقف إطلاق النار وتحولت بنود الاتفاق الهدنة إلى تسوية دائمة في شهر يناير المقبل، فستضمن إيران وجود دائم لها في اليمن وعلى بعد أميال فقط من بوابة بحرية مهمة عالمياً، وفي هذا السيناريو، ستكون إيران هي المنتصر الحقيقي.