صراع "محلي– اقليمي - دولي" على ميناء عدن الاستراتيجي

تشهد محطة الحاويات بميناء عدن صراعا بين أطراف محلية ودولية واقليمية من اجل تشغيله خاصة بعد انسحاب شركة موانئ دبي العالمية وتوفقها عن تشغيله بناءا على طلب تقدمت به وزارة النقل اليمنية. الصراع الذي تخوضه هيئة المنطقة الحرة بعدن وقطر والكويت وتركيا وبريطانيا الذين يسعون بكل الوسائل للاستحوذ على ميناء عدن لما يتميز به من موقع استراتيجي عالمي، لكن بريطانيا تسعى لاستعادة مجدها المفقود في مستعمرة عدن والتي غادرتها في منتصف القرن الماضي بعد احتلال دام قرابة قرن ونصف. وكانت دولة الكويت قد دخلت في العام 2007م بمنافسة شرسة مع شركة موانئ دبي العالمية لتشغيل محطة الحاويات بميناء عدن، غير ان الاخيرة قدمت وعودا تضمنت باعادة تأهيل الميناء وتوسيعه وتعميقه لاستقبال ناقلات الحاويات العملاقة الى جانب تزويده بالرافعات العملاقة لكنها لاقت معارضة من قوى سياسية داخل اليمن. وفي هذا الاطار زار وفد قطري برئاسة مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء القطري لشئون الاستثمار الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية منصور ابراهيم المحمود اليوم مدينة عدن للاطلاع على الفرص الاستثمارية في المحافظة وخاصة في الميناء والمنطقة الحرة . وقال مسئول محلي في محافظة عدن لوكالة "خبر" للانباء، ان هدف الزيارة هو بحث امكانية تسليم محطة الحاويات لدولة قطر لتشغيله خلفا للمشغل السابق شركة موانئ دبي العالمية .. مشيرا الى ان رئيس الوفد اكد رغبة امير قطر للاستثمار في اليمن وتحديدا في ميناء عدن . ولفت المسئول الى ان الوفد التقى خلال زيارته بمحافظ عدن والرئيس التنفيذي لميناء عدن وقام بزيارة للميناء ومحطة الحاويات. واضاف المسئول المحلي ان تركيا كانت تسعى لتشغيل محطة الحاويات .. مشيرا الى ان فضيحة شحنة الاسلحة التي وصلت الى عدن قادمة من تركيا صعبت هذه المساعي. وبين المسئول الذي طلب عدم الافصاح عن هويته ان زيارة محافظ عدن المهندس وحيد رشيد الاخيرة الى اسطنبول جاءت بناءا على دعوة تركية وذلك بهدف بحث امكانية تجديد الجمهورية التركية لمطلبها في تشغيل المحطة والذي لم يعلن عنه سابقا .. لافتا الى ان محافظ عدن ابلغهم بان تشغيل محطة الحاويات مرتبط بقرار رئاسي سيادي وليس للمحافظة اي علاقة بذلك . وترددت انباء حول سعي رجل الاعمال اليمني الاصل عماني الجنسية الشيخ احمد بن فريد الصريمة للفوز بمناقصة تشغيل الميناء خلال الخمس السنوات القادمة . وقال عاملون في الميناء للوكالة ان هذه الانباء غير اكيده .. لافتين الى ان هذه الانباء كانت تتردد اثناء تشغيل شركة موانئ دبي العالمية للمحطة، باعتبار بن صريمة ممثلا للشركة الكويتية. غير ان مصدر في الميناء اوضح ان بريطانيا تسعى وبشدة للحصول على عقد تشغيل المحطة وانها قدمت عرض مغري في سبيل ذلك . وقال ان بريطانيا طلبت من الرئيس عبدربه منصور هادي خلال زيارته الاخيرة الى لندن اعطاءها ميناء عدن كاملا او محطة الحاويات مقابل منحه دعم عسكري يضاهي الدعم الامريكي الى جانب دعم اقتصادي ومساعدات مالية ضخمة .. مضيفا بان الرئيس هادي وعد البريطانيين بدراسة عرضهم والرد عليهم مطلع العام القادم . ولفت المصدر الى ان السفير البريطاني والمستشاران الحكومي والاقتصادي لوزارة التنمية الدولية البريطانية كلا على حده قاموا خلال الايام الماضية بزيارة الى مدينة عدن، التقوا خلالها بالمسئولين المحليين في المحافظة وقيادة ميناء عدن والمنطقة الحرة ومصافي عدن . واكد المصدر ان قضية تأجير محطة الحاويات سيكون بقرار سيادي، فيما ستكون المناقصة عبارة ان اجراءات شكلية.. محذرا بهذا الصدد من تكرار مناقصة موانئ دبي العالمية التي تسببت في تدمير سمعة الميناء على المستوى العالمي . ويرجع توجه الحكومة لتأجير محطة الحاويات لكبرى الشركات المشغلة الى عجز مؤسسة موانئ خليج عدن عن ادارته وتشغيله لضعف الميزانية بسبب الفساد وتحويلات الصرف من قبل المسئولين في محافظة عدن ووزارة النقل الى خزينة المؤسسة . واكد مسئولون في المؤسسة لوكالة "خبر" للانباء،ان المؤسسة لا تستطيع تحمل تكاليف التأمين الباهضة لدخول الناقلات الى محطة الحاويات خاصة مع وجود اعمال القرصنة البحرية في المياه الاقليمية المحاذية لميناء عدن .. مشيرين الى اهمية تأجير المحطة خلال الوقت الحالي وحتى تستطيع المؤسسة التخلص من الفساد الذي استشرى خلال الادارة السابقة وتحقق احتياطي نقدي يمكنها من استقبال كبرى ناقلات الحاويات . من جانبه طالب رئيس المنطقة الحرة بعدن الدكتور عبدالجليل الشعيبي بإعادة إدارة ميناء عدن إلى المنطقة الحرة، بدلا من إدارته من قبل وزارة النقل في العاصمة صنعاء، لان ذلك سيعزز من ثقة المستثمرين، وسيكون له تأثير كبير على تطور الميناء مستقبلا. وقال الدكتور الشعيبي الذي عاد الى عدن بعد زيارة لبريطانيا استغرقت اشهر، ان المنطقة الحرة بعدن، تعد أساسا لأي تنمية اقتصادية في المحافظة وان نجاح الميناء مرهون بإدارته من قبل المنطقة الحرة، معربا عن أمله في ان تتخذ القيادة السياسية والحكومة إستراتيجية تعزز الثقة مع المستثمرين، لافتا إلى ان محافظة عدن تعد مركزاً تجارياً إقليمياً واعداً على مستوى الشرق الأوسط حاضرا ومستقبلا. وكانت الحكومة اليمنية ممثلة بمؤسسة موانئ خليج عدن وقعت في منتصف يوليو الماضي اتفاقية شراكة مع شركة موانئ دبي العالمية لتشغيل وتطوير ميناء الحاويات بالمنطقة الحرة بعدن، وتم بموجب الاتفاقية الموقعة في دبي بتاريخ 13 يوليو 2008م إطلاق الشركة المشتركة برأسمال يبلغ 220 مليون دولار بنسبة مشاركة 50 بالمئة لكل طرف، وحددت الاتفاقية فترة إيجار الأرض بـ 25 عاماً على أن تجدد لمدة عشر سنوات. وفي اواخر سبتمبر من العام الجاري 2012م وقعت نفس الشركتين على اتفاق يقضي بتخلي شركة دبي العالمية عن مصالحها في شركة دبي وعدن لتطوير الموانئ لصالح، المؤسسة التي ستضطلع بكامل مسئوليتها في تشغيل ميناء الحاويات بعدن.