"روسيا مستعدة للقتال إلى الأبد".. تقارير تكشف كلفة بشرية مهولة لاحتلال أوكرانيا بالكامل

استبعد بريان ويتمور، الزميل في مركز أوراسيا التابع لمجلس الأطلسي، إمكانية التوصل إلى تسوية تفاوضية لإنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وقال الباحث في تحليله بموقع الأبحاث الأمريكي "أتلانتك كاوينسل": "بعد شهور من الجهود الدبلوماسية المكثفة والمحادثات بين واشنطن وموسكو، ومساعي ضغط على الرئيس الأوكراني زيلينسكي لتقديم تنازلات، لم يتحقق أي تقدم. وعزا ذلك إلى عدم وجود أرضية مشتركة بين الطرفين، إذ أن هذه الحرب تُحسم فقط في ميدان القتال".

جوهر الصراع

وعن جوهر الصراع، يقول الباحث، إن روسيا، تحت قيادة بوتين، لا تسعى إلى مجرد نفوذ أو مصالح، بل إلى محو أوكرانيا كدولة مستقلة وهوية قومية. في المقابل، تقاتل كييف من أجل البقاء ذاته.

ومن هذا التناقض الوجودي، تنبع استحالة أي اتفاق، يقول الباحث، فكل مفاوضات أو هدنة لست سوى "استراحة استراتيجية" للكرملين، على حد وصف الكاتب، تهدف إلى إعادة ترتيب الصفوف وتخفيف وقع العقوبات، لا أكثر.

وأشار الباحث إلى مواقف بوتين التاريخية التي تُفنّد أي حديث عن احترام سيادة أوكرانيا. ففي عام 2008، قال بوتين للرئيس الأمريكي بوش إن "أوكرانيا ليست حتى دولة"، وهو ما يترجم إلى مشروع استعماري قديم لا يقبل بأن تكون أوكرانيا كياناً ذا سيادة.

واستشهد الباحث بتصريحات أندرياس أوملاند التي تؤكد أن الإمبريالية الروسية لا تُردَع بالحوار، وإنما تُهزم فحسب.

وأشار الباحث إلى تصريحات فلاديمير ميدينسكي، المفاوض الروسي البارز، الذي قال بوضوح إن "روسيا مستعدة للقتال إلى الأبد"، مذكّراً بالحرب الشمالية التي خاضتها روسيا في القرن الثامن عشر، واستمرت 21 عاماً.

تبعات جسيمة لاستمرار الحرب

لكن الواقع المعاصر يُظهر عبثية هذا الطموح. فحسب معهد دراسة الحرب، تتكبد روسيا نحو 99 ضحية لكل كيلومتر مربع من الأراضي المحتلة، مما يعني أن احتلال أوكرانيا بالكامل سيستغرق قرناً كاملاً وثمناً بشرياً لا يُحتمل.

اقتصادياً، رأى ويتمور أن قدرة روسيا على تحمّل كلفة الحرب تتآكل. ورغم الحديث عن المرونة الاقتصادية، فإن هذه المرونة، وفقاً لدراسات كريغ كينيدي، مجرد "سراب" تغذّيه ديون غير محاسبة وإقراض دفاعي غير مستدام.

وحذر الباحث من محاولات موسكو لفصل الحرب عن العلاقات الاقتصادية مع الغرب، عبر عروض مغرية في قطاعات المعادن والطاقة، مقابل تخفيف العقوبات. وقال إن انفتاح إدارة ترامب على هذا الفصل قد يوفر لروسيا "حبل نجاة" يطيل أمد الحرب، مشيراً إلى مبادرات في الكونغرس، مثل "قانون عقوبات روسيا 2025"، كدليل على وعي أمريكي متزايد بخطورة التطبيع الاقتصادي.

لحظة أوروبا

وفي أوروبا، يلمس ويتمور تحركاً واعداً رغم الانقسامات: فرض عقوبات جديدة، وتعهدات بمزيد من الدعم العسكري، وتقدير بأن هذه اللحظة قد تكون "لحظة أوروبا" لتتحمل مسؤوليتها الاستراتيجية.

أمّا أوكرانيا، فيُبرز الكاتب صمودها الأسطوري رغم ضعف التسليح. ويستشهد بتقارير ناتاليا جومينيوك، التي توثق تطور الصناعات العسكرية المحلية، خصوصاً في مجال الطائرات المسيرة، والتي غيّرت جذرياً من شكل الحرب.

واختتم الباحث مقاله بالقول: "بعد 3 سنوات من الحرب و4 أشهر من المراوغة الدبلوماسية، لم تعد المعركة تُدار في القاعات المغلقة، بل في الخنادق المفتوحة. والقرار المصيري أمام الغرب اليوم هو: هل يقدّم لأوكرانيا ما تحتاجه للنصر؟ أم يتركها تقاتل وحدها في حرب وجودية ضد خصم لا يعترف بوجودها أصلاً؟".