تعرف على تفاصيل اتفاق المعادن بين واشنطن وكييف
وقّعت واشنطن وكييف أمس الأربعاء اتفاقاً لاستغلال المعادن والنفط والغاز في أوكرانيا. وتقول الإدارة الأميركية إن الاتفاق يهدف إلى التعويض عن "المساعدات المالية والمادية الكبيرة" التي قدمتها لأوكرانيا للدفاع عن أراضيها منذ اندلاع الحرب مع روسيا في فبراير (شباط) 2022.
وجاء هذا الاتفاق بعد أسابيع من التوترات التي طغت على العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أعقاب مشادة كلامية حادة بين الاثنين عرقلت التوقيع على الاتفاق في ذلك الوقت.
في ما يلي أبرز المعلومات بشأن هذا النص الذي نشرته الحكومة الأوكرانية والذي لا يحتوي على أية ضمانات أمنية أميركية لأوكرانيا.
مفاوضات صعبة
لطالما طالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتعويض عن المساعدات العسكرية والمالية التي قدمتها بلاده لأوكرانيا منذ بدء الحرب بين أوكرانيا وروسيا قبل ثلاث سنوات.
وقدّر المبلغ المُستحق على كييف بحوالي 500 مليار دولار، أي أكثر بأربعة أضعاف من المساعدات المقدّمة إلى الآن، والتي تبلغ حوالي 120 مليار دولار، وفقاً لـ"معهد كيل" الألماني.
وكان زيلينسكي رفض مسودة سابقة للاتفاق بشأن الموارد الطبيعية الأوكرانية، ستضطر "عشرة أجيال من الأوكرانيين" دفع ثمنها، بحسب تعبيره.
وكان من المقرر أن يوقع نسخة أخرى من الاتفاق في 28 فبراير (شباط) في البيت الأبيض، لكن المشادّة الكلامية غير المسبوقة التي جرت بينه وبين ترامب ونائبه جاي دي فانس أمام الكاميرات، أدت إلى مغادرته وإلغاء التوقيع.
وفي أعقاب ذلك، طرحت واشنطن نسخة جديدة وصفتها وسائل إعلام وخبراء بأنها غير مناسبة لكييف. وتضمنت إشارة إلى كافة المساعدات العسكرية الأميركية التي قدمها جو بايدن، على شكل دين أوكراني.
وبعد أسابيع من المفاوضات المتوترة، وقعت الدولتان أخيراً على الاتفاق الأربعاء.
قبل التوقيع، رحّب رئيس الحكومة الأوكرانية دينيس شميغال بـ"اتفاق دولي عادل حقاً بين الحكومتين الأميركية والأوكرانية".
كذلك، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إن بلاده لديها "فرصة للمشاركة وللحصول على.. تعويض" مقابل المساعدات المقدمة لأوكرانيا.
إنشاء صندوق استثمار
يتعيّن على الدولتين إنشاء صندوق استثمار بحصص متساوية لإعادة إعمار أوكرانيا.
وستساهم أوكرانيا في العائدات من التراخيص "الجديدة" للمواد الخام (النفط والغاز والمعادن النادرة) مع الاحتفاظ بالسيطرة على جميع مواردها الطبيعية والبنية التحتية.
ويغطي الاتفاق 57 نوعاً من الموارد المعدنية، بما في ذلك الغاز والنفط والتيتانيوم والليثيوم والمعادن الأرضية النادرة.
وفي حين يعترف الاتفاق بـ"دعم مالي" كبير قدمته الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ العام 2022، إلا أنه لا يذكر أي دين يجب سداده مقابل هذه المساعدات. ولكنه ينص على أن المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة ستُحسب بمثابة مساهمة في الصندوق.
وقالت كييف إن أرباح الصندوق ستتم إعادة استثمارها داخل البلاد.
وينص الاتفاق أيضاً على أن أحكامه لا ينبغي أن تمنع أوكرانيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويتم تقديم هذا الاتفاق إلى البرلمان الأوكراني للتصديق عليه.
الموارد الطبيعية الموجودة في أوكرانيا
وفق تقديرات مختلفة، فإن أوكرانيا وحدها تحتوي على حوالي 5 بالمئة من الموارد المعدنية في العالم، ولكنها ليست مستغلّة أو قابلة للاستغلال بسهولة. ويقع بعض هذه الموارد في مناطق تسطير عليها روسيا.
وتحتل أوكرانيا المرتبة الـ40 بين الدول المنتجة للمعادن في الفئات مجتمعة (بما في ذلك الفحم)، وفقاً لـ"وورد ماينينغ داتا" (World Mining Data) في العام 2024.
وتوجد في أوكرانيا ثلاثة معادن استراتيجية، وهي المانغنيز (ثامن أكبر منتِج في العالم) والتيتانيوم (المنتج الـ11 في العالم) والغرافيت (المنتج الـ14 في العالم) الضروري للبطاريات الكهربائية.
وفي ما يتعلق بالمعدن الأخير، يقول "المكتب الفرنسي للأبحاث الجيولوجية والمعدنية" إن "20 بالمئة من الموارد العالمية المقدّرة" تتركز في أوكرانيا.
ويشير إلى أن أوكرانيا "واحدة من الدول الرئيسية في أوروبا من حيث إمكانية" استغلال الليثيوم، الضروري أيضاً للبطاريات، إذ إنها أحد أكبر احتياطات الليثيوم في القارة ولكن لم يتم استغلالها بعد.
من ناحية أخرى، لا تشتهر أوكرانيا بشكل خاص باحتياطاتها من المعادن النادرة، وهي فئة محدّدة للغاية من 17 معدناً أساسياً للاقتصاد العالمي (لاستخدامها في تصنيع طائرات بدون طيار وطواحين هواء ومحركات كهربائية، الخ).
لا ضمانات أمنية
أكدت أوكرانيا مراراً أن أي اتفاق بشأن مواردها الطبيعية يجب أن يتضمن ضمانات أمنية قوية وطويلة الأمد لردع أي هجوم روسي مستقبلي محتمل.
غير أن الاتفاق الذي تم توقيعه لا يذكر أي التزامات أمنية أميركية محددة.
وفيما كانت وزارة الخزانة الأميركية قد رحبت بالاتفاق، فقد قالت في بيان إنه جاء "اعترافاً بالدعم المالي والمادي الكبير الذي قدمه شعب الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ الغزو الروسي الواسع النطاق"، حسب ما جاء في نص الاتفاق.
وتعتبر عبارة "منذ الغزو الروسي الواسع النطاق" التي أضافتها الوزارة، أمراً نادر الحدوث من جانب واشنطن، نظراً للتقارب بينها وبين موسكو منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وقال وزير الخزانة إن الاتفاق يظهر أن "للولايات المتحدة مصلحة اقتصادية في أوكرانيا"، مضيفاً في حديث لشبكة "فوكس نيوز" أن "هذه إشارة للقيادة الروسية".