ألمانيا تتهم عميلاً صينياً بالتجسس.. وبكين ترد: "افتراء سياسي خبيث"

دعت الصين، الأربعاء، ألمانيا إلى الكف عن تشويه سمعتها بما وصفته بـ"نظرية تهديد التجسس الصيني"، وذلك بعد أن اتهمت برلين موظفاً سابقاً لدى سياسي يميني في البرلمان الأوروبي بالتجسس لصالح بكين.

وقال الناطق باسم الخارجية الصينية، قوه جيا كون، إن "ما يسمى بنظرية تهديد التجسس الصيني لا أساس لها من الصحة على الإطلاق، وهي افتراء خبيث"، فيما حثت الوزارة ألمانيا على الحفاظ على "الزخم الإيجابي للعلاقات الثنائية".

يأتي ذلك، بعد أن اتهمت ألمانيا موظفاً سابقاً لدى سياسي يميني في البرلمان الأوروبي بالتجسس لصالح الصين، في خطوة قد تُعقّد علاقة حكومة برلين المُقبلة مع بكين، حسبما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وتأتي هذه الاتهامات، التي قال المدعون إنها وُجّهت في وقت سابق من الشهر الجاري، بعد عام تقريباً من اعتقال مواطن ألماني من أصل صيني، يُدعى جيان جي، أثناء عمله مساعداً برلمانياً لعضو بارز في حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.

وقال الادعاء، إن جي، متهم بالحصول على أكثر من 500 وثيقة، بعضها مصنف على أنه "حساس للغاية"، أثناء عمله في البرلمان الأوروبي، فيما اتُهمت ياكي إكس، وهي مواطنة صينية، بتزويد جيان جي، بمعلومات حول شحنات أسلحة من ألمانيا.

وكان جيان جي وقت اعتقاله يعمل مساعداً لماكسيميليان كراه، الذي كان آنذاك عضواً في البرلمان الأوروبي والمرشح الرئيسي لحزبه في الانتخابات الأوروبية العام الماضي، إذ انتخب كراه، عضواً في البرلمان الألماني منذ ذلك الحين، وليس مشتبهاً به في القضية، وقد تبرأ من مساعده السابق.

ووفقاً للائحة الاتهام، كان جي موظفاً في جهاز المخابرات الصيني منذ عام 2002، فيما قال المدعون إنه استغل منصبه في البرلمان الأوروبي بين عاميْ 2019 و2024 لجمع معلومات لصالح الصين حول قرارات الهيئة.

ويُشتبه أيضاً في أنه جمع ملاحظات حول كبار قادة حزب "البديل من أجل ألمانيا"، رغم أن هذه الملاحظات تُشكل جزءاً صغيراً من الوثائق التي حصل عليها.

كما اتهم المدعون جيان جي، بالتظاهر بأنه ناقد للحكومة الصينية للتجسس على أعضاء المعارضة الصينية والمعارضين في ألمانيا وجمع بيانات شخصية عنهم.

وأُلقي القبض على ياكي إكس، وهي مواطنة صينية (38 عاماً) في سبتمبر الماضي، أثناء عملها في شركة لوجستية بمطار لايبزيج في شرق ألمانيا، إذ قال الادعاء إنها جمعت معلومات عن الرحلات الجوية والشحنات والركاب لصالح جيان جي، بما في ذلك بيانات عن أشخاص مرتبطين بشركة أسلحة ألمانية. وعند اعتقالها، صرّح مسؤولون ألمان بأن أهدافها شملت شحنات أسلحة أميركية إلى إسرائيل.

انتقاد الصين

وتُسلّط لائحة الاتهام الضوء مجدداً على تجسس الصين في وقت حساس، إذ يأتي ذلك في ظل ظهور بوادر تحسن للعلاقات بين بكين والاتحاد الأوروبي، وقبل أيام فقط من انتخاب فريدريش ميرتس، المحافظ، مستشاراً جديداً لألمانيا، مُكلّفاً بإعادة صياغة السياسة الخارجية الألمانية.

وأعلنت حكومة ميرتس المنتظرة أنها ستتبنى السياسة الأكثر انتقاداً للصين، التي بدأت في عهد الحكومة السابقة، لكنها ستسعى أيضاً إلى التعاون مع بكين كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

وحذر ميرتس الشركات الألمانية مراراً من مغبة تقليل تعاملها مع السوق الصينية، ومع ذلك، وضع أيضاً إعادة تقييم السياسة الألمانية، سعياً إلى تعاون أوثق مع الحلفاء الأوروبيين التقليديين، على رأس أولوياته.

وبعد أن أعرب مقربون من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بمن فيهم إيلون ماسك ونائب الرئيس جي دي فانس، عن دعمهم لحزب البديل من أجل ألمانيا في انتخابات فبراير الماضي، صرّح ميرتس بأنه سيجعل ألمانيا أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة.

ونظراً للطابع العدائي المتزايد في العلاقات عبر الأطلسي، يتوقع المحللون أن تكون برلين وعواصم أوروبية أخرى أقل ميلاً للانضمام إلى المبادرات الأميركية المستقبلية لإضعاف الصين مما كانت عليه في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وفي غضون ذلك، صرّح البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، بأن رئيسه في المراحل الأخيرة من التفاوض على رفع العقوبات التي فرضتها بكين في عام 2021 على عدد من المشرعين الأوروبيين.

وتبنت بكين العقوبات، بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على بعض المسؤولين الصينيين الذين اتهمهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في منطقة شينجيانج.

ويواجه ائتلاف ميرتس المقترح آخر عقبة رئيسية، الأربعاء، عندما يُعلن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الشريك الأصغر في الائتلاف، عن نتيجة اقتراع أعضائه بشأن تأييد اتفاقية الائتلاف المكونة من 144 صفحة بين الحزبين.