سُكّان عدن بين نار الأسعار والخدمات وتخادم البيوت التجارية والجهات الحكومية

تواصل أزمتا الغاز المنزلي والوقود، وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، العصف بمدينة عدن (جنوبي اليمن)، وكي مئات الآلاف من السكان بنيرانها بعد أن قفز سعر قرص الخبز إلى 65 ريالاً في أعلى ارتفاع منذ بداية الحرب في البلاد، وأسطوانة الغاز إلى 18 ألفا "وغير متوافرة"، وسط جشع مفزع للتجّار وصمت مريب للجهات الحكومية والمعنية.

لليوم الثاني على التوالي، اختفت مادة الغاز المنزلي بشكل كلي من مختلف مديريات عدن، بعد نحو شهرين من اختفاء شبه كلي لا تقل أزمته شأناً عن الحاضر، قابلها تنمر مندوبي شركة الغاز في الأحياء على السكان المطالبين بحصصهم "المدفوعة قيمتها" من الكميات المعتمدة لدى الشركة.

مصادر محلية قالت لوكالة "خبر"، إن مادة الغاز المنزلي اختفت كليا اليوم الجمعة 4 مارس 2022م، من المحطات الخاصة، ما دفع العشرات من سكان أحياء المديريات إلى التوجه نحو مندوبي شركة الغاز لتسجيل أسمائهم ضمن قوائم المستفيدين، سيما الذين كانوا لا يعتمدون بشكل مباشر على تلك الحصص لولا احتدام الأزمة.

وأضافت المصادر، اعتذر المندوبون عن تسجيل السكان المتوافدين بحجة عدم توافر حصة كافية، مع انه لم يسبق لهم أن حصلوا على حصصهم في الفترات السابقة، وهو ما زاد من حدة التوتر بين الطرفين، وفقا لذات المصادر.

واتهم السكان، مندوبي الشركة بالتلاعب بالحصص وتوزيعها وفق معايير العلاقات والمحسوبية.

أمّا المحطات الخاصة فقد أغلقت أبوابها، مع ارتفاع سعر الأسطوانة 20 لترا إلى 18 ألف ريال وهو الارتفاع الذي وصفه المواطنون بـ"الخيالي"، وسط اتهامات محلية لافتعال هذه الأزمة بهدف رفع التسعيرة أكثر من ذلك مع قرب حلول شهر رمضان، سيما وتلك المحطات لم تتجاوز الواحدة والاثنتين في كل مديرية، ما يعني أنها باتت من تتحكم كليا بالسوق.

الأزمة امتدت إلى مركبات النقل التي تعمل بالمادتين "البنزين والغاز"، حين سارع سائقوها إلى رفع تسعيرة المواصلات بضعف السابق، وبصورة لا تتناسب مع ارتفاع أسعار الوقود والغاز، مستغلين غياب الدور الرقابي لوزارة النقل.

وذكرت مصادر محلية لوكالة خبر، أن أزمة الوقود التي تعصف بالمحافظة منذ أشهر، احتدمت الأيام الماضية، وأن قيمة الصفيحة 20 لتراً تتراوح بين 30 إلى 35 ألفا، أي ما يساوي 60% من راتب الموظف الحكومي، وبزيادة 11 مرة مقارنة بالعام 2011 الذي تعرضت فيه البلاد لأزمة سياسية بتمويل خارجي.

تخادم "حكومي تجاري"

أسعار السلع والمواد والغذائية، لم تكن بمأمن من جشع التجار وغياب الدور المناط بوزارة الصناعة والتجارة والجهات المعنية.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية كانت قد شهدت الاسعار ارتفاعا جنونيا ارجعته البيوت التجارية إلى تدهور قيمة العملة الوطنية امام العملات الاجنبية بعد ان اقتربت قيمة شراء الدولار من حاجز 1700 ريال مع اواخر العام 2021م.

التعافي الطفيف الذي شهدته العملة الوطنية سيما بعد تأرجحها الشهرين الماضيين بين 950 و1300 ريال، ومؤخرا بين 1150 و1250 ريالاً، لم تشهده اسعار السلع والمواد الغذائية حيث بلغت قيمة صفيحة الزيت 20 لترا حتى اليوم الجمعة 4 مارس، 42 ألفا، بينما بلغت قيمة القرص الواحد من الخبز والروتي 65 ريالا وهي ذات القيمة التي سجلها اواخر العام الماضي مع ارتفاع الدولار إلى 1700 ريال، الامر الذي وضع البيوت التجارية في دائرة الاتهام امام تضارب في الاسعار مقارنة بقيمة الدولار الامريكي الذي تتخذ منه حججا لاخفاء جشعها.

يقول المواطنون إن الفوضى التي تشهدها عدن باتت مريبة، فالجهات الحكومية والمعنية بمختلف اختصاصاتها لم تحرك ساكنا، وكأن رغبة جامحة تمتلكها حيال ذلك.

ويتوقع اقتصاديون أن تقفز الاسعار إلى ابعد من ذلك مع قرب حلول شهر رمضان وزيادة الطلب على المواد الغذائية والاحتياجات الرمضانية.

وأكدوا ان تجّار الوقود والغاز والمواد الغذائية استغلوا صمت الجهات الحكومية المعنية بمراقبة الاسعار ووفر الخدمات، وأصبحوا يتحكمون مباشرة بالاسعار من خلال اخفاء المواد عن السوق وضخها بكميات قليلة جدا لا تتلاءم مع كمية الطلب مما يفاقم الأزمة.

ولم يعد مستبعدا وجود مصالح مشتركة بين البيوت التجارية والجهات الحكومية إزاء الصمت المريب للأخيرة.

وأصبح راتب الموظف الحكومي بالكاد يغطي قيمة كيس قمح 50 كجم، و4 لترات زيت، و5 كجم سكر، بعيدا عن بقية الاحتياجات وإيجار المسكن.