الوجع المقدس

حصلت وكالة خبر على النص الكامل لقصيدة "الوجع المقدس"، مشفوعا بإذن النشر من الشاعر الإعلامي أحمد غيلان، الذي كتب القصيدة أواخر ديسمبر من العام الماضي 2017 م عقب استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح والتداعيات التي أحاطت وتبعت جريمة اغتياله على أيدي عصابة الحوثي.

قصيدة الوجع المقدس - التي لم تنشر من قبل - انتجها الشاعر غيلان، صوتيا، ونفذتها وتبثها - عملا مصورا - قناة اليمن اليوم منذ 21 مارس.

وبحسب أدباء ونقاد فإن قصيدة الوجع المقدس تعتبر ملحمة أدبية وتاريخية غير مسبوقة.

في ما يلي القصيدة التي تنفرد بنشرها نصا وكالة خبر:

الوجع المقدَّس

شعر : احمد غيلان

اصْعـدْ فـقـدْ خُـتِـمَـتْ بِـكَ الآياتُ
ولك الخـلـودُ ودونــك الأمـواتُ
اصعـدْ تحُــفُّـكَ أُلْـفـةٌ وسـكـيـنـةٌ
وتـســيرُ في جـنباتِــكَ البركـاتُ
اصْعـدْ لروحِكَ في السماءِ حفاوةٌ
والارضُ بعــدك كُـلُّـها سـكــراتُ
اصْعـدْ فإنِّي ما اتــيـتــك ناعــياً
كَـلاَّ .. ولـم تُــخـلـق لك المــرثاةُ
اصْعـدْ نـبـيـلاً ما توسَّــد نُـبـلُـهُ
غــدراً ولا عَـلِـقـتْ بـهِ ســوءاتُ
اصْعـدْ جَـلِـيـلاً ما تأبَّــطَ فَـجْــرُهُ
مـكْراً ولا حَـظِـيـتْ به السقـطاتُ
اصْعـدْ جـمـيـلاً والجـمال مهابـةٌ
صدقَـتْ بها من وجهِك القسماتُ
اصْعـدْ صهـيلاً جـامـحاً يزهـو بـهِ
دمُـنا وتُـخـرسُ دونـهُ الأصــواتُ
اصْعـدْ اصـيــلاً حِـمــيرياًّ تُـبَّــعاً
صغُـرتْ امام ثـباتِــــهِ التـبـعـاتُ
اصْعـدْ كـريـمـــاً فالـمـكارمُ كُـلُّــها
من طِـيْـبِ مـعـدنِــك النَّـدَى تـقـتاتُ
اصْعـدْ رحـيـماً تـقـتـديْـكَ جـمـائـلٌ
وشـمَـائـلٌ ومَــحَـــافِـــلٌ ودُعــاةُ
اصعـد حـكـيـما روَّضَ الأزماتِ اذ
سـقـطــتْ بكُـل دروبِــهِ الأزمـاتُ
اصْعـدْ حَـليـمـاً ازهرت لخـصـومِـهِ
في كُــل طـعـنـةِ صــارمٍ باقــــاتُ
اصْعـدْ زعـيـماً تـقـتـفـيـك قــوافِـلٌ
وجــحـافـــل وبواســـلٌ وسُــراتُ
اصْعـدْ عـظِــيْـماً تحـتـفي بـسموِّه
سِـــيَرُ المُـلُـوكِ وتـنْـحـني الهـامـاتُ
اصْعـدْ مَــجـيـداً ما دَنَــا لكريـهــةٍ
يــــومــاً ولا ظــفـرتْ بِـــــه الآفاتُ
اصْعـدْ عـنيـداً ما تـهَـيَّـب في الوغى
حـتـفاً ولا نُـكِـسـتْ لـــهُ رايــاتُ
اصْعـدْ حـمـيـداً فالمـحـامــدُ كُـلُّـها
بِـك تزدهِـيْ والخــيرُ والخــيراتُ
اصْعـدْ شهـيـداً للفـضـائـل والـتُّــقَى
والى الخـلـودِ تزُفُّــــــكَ الصــلواتُ
ان لم تكُـنْ انـت الشهـيـدُ فـكُـلُّ منْ
سَـبـقـوكَ في نـيْـلِ الشـهـادةِ ماتـوا
اصْعـدْ ولا تأبـهْ لـطُـولِ ذهُـــولِـنا
فالأفـقُ رحْــبٌ والفـضـاءٌ جِـهـاتُ
والثـأرُ لا يَـعْـنِـيــكَ .. تـزأرُ أمَّـــةٌ
ما أُحْـصِـيَـتْ في جـسْـمِـها الطـعـناتُ
في كل حـنـجـرة تـضِــجُّ مـناحَـــــةٌ
وبـكُـــــل دارٍ مـأتـــــمٌ ورُفــــــــاةُ
والارضُ ثَـكْــلَـى والقـبـيـلـةُ والمـدَى
والريـحُ والأشـــجـارُ والطُــرُقـاتُ
وذهـــولُـنـا ارقٌ عــتِـيٌّ انَـمـــــا
تـتــفـاوتُ الزفـراتُ والـعَـــبَراتُ
فهُــنَـا نحِـيْـبٌ ذابِــلٌ وهُـــنـا دَمٌ
وهُـنَـا وُجُـــومٌ سائِــــدٌ وسُــبَـاتُ
وهُـنـاكَ يـتَّـشِــحُ الحـنِـينَ مُـخَـاتِــلٌ
وهُـنَـا سُـفُــورُ جِـنـايـــةٍ وجُـنَـاةُ
وهُـنـاكَ يـقـترفُ السـوادُ شـمـاتَــةً
وعلى الأسَـــى تـتراقــصُ الحَـيَّـاتُ
وهُـنـاكَ تـشـتـعِـلُ الحـنَـايـا ثــورة
وهُـنـاكَ - أيْـضـاً - تُـعْـقَـدُ الصَّفَـقَـاتُ
اصْعـدْ بِـرفْـقــتِــكَ الوفـاءُ و" عــارفٌ "
ومـواقِـفٌ وعــواطِــفٌ وتُــــقــاةُ
وتـسِـيرُ في مَـسْـراكَ كُـلُّ فـضِـيــلـةٍ
ويُـضَـمِّـدُ الدَّمَ والدمُـوعَ ثـبَـاتُ
اصْعـدْ فـقـدْ سَقطَ الرمادُ وحصْحَصَتْ
فالحّـــقُّ حَـــقٌّ والبُـغَـاةُ بُـغَــاةُ
ولَـقدْ فرزْتَ دُمُـوعَـنـا وجُـمُـوعـنا
وتـحَـدَّدَتْ من بَـعْـدِكَ الخُـطُـواتُ
وَطَــنٌ يُـجَـمْـهِـرُ للـصـبـاحِ مَـسِـيرَهُ
وعِـصَـابَــةٌ يَـحْــدُو خُـطـاهَـا اللَّاتُ
شَـعْـبٌ تَـتُـوقُ الى الخـلاصِ جُـمُوعُـهُ
وجَـمَـاعَــةٌ تَـطْـغَـى بِـهَــا العـاهـاتُ
والمُـجْـرمُــون يُـغَـازلون سُـقـوطَـنـا ..
وسُـقُـوطُـهُـمْ تـعْـلوا بِـهِ الصـيـحـاتُ
اصْعـدْ فـقـدْ هُـتِـكَـتْ ذرائِـعُ قبحِهِـمْ
فـجَـرُوا ومـا لـفُـجُـورهِـمْ عِــلاَّتُ
غَـدروا بِـطَـوْدٍ كـان يـسـتُـرُ عُـريَـهُـمْ
وسَـوادَهُـمْ .. فـتَـبَـدَّتِ العَـوْراتُ
فـهُـمُ القـذَى وهُـمُ الأذى وهُـمُ العِـدَا
وهُــمُ الردَى والبُــؤسُ والنـكـبـاتُ
وهُــمُ العـمـالةُ والجـهـالـةُ والـغَـوَى
والخِـزْيُ والــنُّــــكران والـنَّـــــكراتُ
وهُـمُ الخِـيَـانَــةُ والكَـهَـانَـةُ ، مـا لهُـمْ
بالله والديـن الحَــنِــيْــفِ صِــــلاتُ
وهُــمُ انْــحِـرافٌ عَنْ اصَالَـتِـنا ، وعنْ
قِـيَــمِ الحَـيَـاةِ ، وللـشُّـرورِ نَـبــاتُ
وهُــمُ الضـغِـيْـنَـةُ جِـذْرُهَـا وفُروعُها
والغِـلُّ ، والأحـقـــادُ ، والنـعَـــراتُ
ما للـحـضـارةِ في سَـوادِ حُـضُـورهِـمْ
أُفــقٌ ، ولا للأُمْـنِـــيَـاتِ صِـفَــاتُ
لا آدمِــيَّــةُ في مَــلامِــحِ نَـهْـجِــهِـمْ
غُـلْـفٌ ، عُـلُوجٌ ، مُـفسِدون ، قُـسَاةُ
يَـسْـتـكْـبِرون وهُـمْ لِـكُــلِّ صَـغِـيْرَةٍ
يـتـسـابـقـون ، وللـسُّـقُـوطِ هُـوَاةُ
سَـرَقُـوا بريْـقَ الضَّـوءِ من حـدقاتِـنَا
وأدوا النـهـار .. فـحـلَّـتِ الظُـلُـمَـاتُ
جَـلَـبُوا دمـارَ الكَـوْنِ فَـوْقَ رؤوسِنا
مُـتَـهَـوِّرونَ ، مُـقـامِـرونَ ، غُــوَاةُ
يَـتَـسَـلَّـقُـونَ إلَى الـبُـطُـوْلَـةِ جُـوْدَنَـا
مِـنَّـا الدمـاء .. ومِـنْـهُـمُ الصَّـرَخَـاتُ
ويُـدحْـرِجُـونَ إلى الجـنُـون رؤوسَـنـا
ولَـهُـمْ لذيــذُ العَـيْـشِ والـنَّـزواتُ
ويُـبَـعْـثرونَ على الحُـتُـوفِ صِـغـارنـا
وصِـغَـارُهُــمْ حَـوْلَ الـبُـنُـوكِ غُـزَاةُ
ألْــقَـوْا حِـبَـالَ المـكْـرِ في ارجـائـنـا
وتـصَـاعَـدَتْ - لِـفَـحِـيْـحِـهَـا - اصَـواتُ
لَـكِنَّ حِـكْـمَـتَـنَـا سَـتـلْـقـفُ مَـكْـرهُـمْ
فَـيَـنَـالٌ - خُـسْراً - آثِـــمٌ وطُــغَــاةُ
ويَـزُمُّ أوردةَ المــواجِـــعِ مَــوْطِـنٌ
أدمَـي خُـطُـاهُ - إلى النـجـاة - شَـتَـاتُ
وإلى المـحـبَـةِ يَـشْـرَئِـبُّ أنِــيــنُــــهُ
لـيَــذودَ - عن دمِــهِ المُـــراقِ - أُبَـاةُ
يا من - إلى الأقـيَـالِ - يَـزْهُو مَجْـدُكُـم
أنْـتُــمْ - لمـلْـحَـمَـةِ الخَـلاصِ - ثِـقـاتُ
إنْ كـانَ - للـوطن الجـريـح - ولاؤُكُـمْ
قُــومــوا ، فـأنْــتُــمْ - للـولاءِ – وُلاةُ
وجـع السَـعِـيْـدة يستـغـيثُ بِـعَـزْمِـكُـمْ
وبِـنُـبْـلِـكُـمْ تَـسْـتَـنْـجِـدُ الحُـرمَـاتُ
ثُــوْرُواْ على صَـنَـمِ الـجْـرُوفِ وإفْــكِـهِ
ضَـاقَـتْ بِـجُـرْمِ عَـبِـيْـدِهِ الجَـنَـبَـاتُ
وتَـطَـهَّـرُوْا من رِجْـسِـهِ وشَـتَـاتِـكُـمْ
فَـبِـطُـهْـرِكُـمْ تَـتَـطَـهَّـرُ الـغَـايَـاتُ
وتَـصَـالـحُوْا وتـسَـامَحُوْا وتصافـحـوا
فـجَــمِـيْـعُـكُـمْ زلَّـتْ بِـكُـمْ زلاَّتُ
وتـآزرُوْا ، وتَـنَـاصَـروْا ، وتـضَــافـرُوْا
فالسـيـئـاتُ تَـجُــبُّــهـا الحَـسَـنـاتُ
لا يـرعَـبَـنَّـكُــمُ الضَّــجِــيـْـجْ فـإنَّــهُ
دَجـــلٌ وغــفـلَــةُ تـابــعٍ وقـنـاةُ
لـكُــمُ المـهَـابَـةُ إن تَــوّحَّـد صَـفُّـكُـم
والنَّـصـرُ ، والإجْــــلالُ ، والـقُـبُــلاتُ
يـا أيُّـهـا الوطــنُ الـمُـصّـفَّـدُ بـالأسَـى
تـغـتـالُ مَـجْـمَــعَ شـمْـلِـهِ الـمَـأسَـاةُ
ويُـبَـالِـغُ الـدَّجَّـــالُ في تـعْــذيْــبُــهُ
وتـتَـابَـعَـتْ في سَـيْــره الـعَــثراتُ
انْـهَــضْ فـلـلـوجّــعِ المُـقـدَّسِ صَـولـةٌ
تُـشـفـي الصُّــدورَ ولـلــديـار حُـمَـاةُ
انْـهَــضْ عَـزيْـزاً فـالـحَـيَـاةُ كَـرَامَــةٌ
والـمــوتُ في دَحْـــرِ الـبُـغَـاةِ حَـيَـاةُ
سَـيــقُـضُّهُـمْ أرقُ البـلادِ وحُــزْنُـــهـا
وَتَـصُـدُّ سَــطْـوَةَ غَـيِّـــهِـــمْ وثَـبَـاتُ
انْـهَــضْ فـصـبرُ الأنـقـيـاءِ سـنـابِـلٌ
سـتـَهِـبُّ من حـبَّـاتِـهـا الهَـبَّـاتُ
انْـهَــضْ فَـلا صَـلَـفُ الخُـرافـةِ نـافِــذٌ
فِـيـنـا ولا رُسُـل الـدمَـارِ وُصَــاةُ
انْـهَــضْ فـإن النـصـرَ وعــدٌ ناجِـزٌ
سـيـجـيء مَهْـمـا اسْـتَـحـكَـمَـتْ حـلـقـاتُ
انْـهَــضْ فـللأوغَـــادِ مِـنَّـا ثَــــورةٌ
سَـتَـحِـيْـنُ مَـهْـمَـا طَـالـتِ الأوقَـاتُ
انْـهَــضْ فـقَـدْ غَــرقَ الـجَـنُونُ بِـطَوْقِهِـمْ
لا طَـــوْقُ يَـعْـصِـمُـهُـمْ ولا مَـنْـجَـاةُ
سَيَـدُكُّـهُـمْ سَـخَـطُ الجِـبـالِ وبأسُـنا
وإلى الـجَـحِــيْـمِ تَـسُـوقــهُـــمْ لَـعَـنَـاتُ
ــــــــــــــــــــــ