354 ألف قتيل حصيلة سبع سنوات من الحرب السورية

يبدأ النزاع في سوريا عامه الثامن الخميس بعد إقصاء تنظيم داعش وإنهاء حلمه بإقامة "الخلافة"، في وقت تعتزم دمشق استعادة السيطرة على كافة أراضي البلاد التي تمزقها صراعات نفوذ بين القوى الكبرى.
 
وتشهد سوريا منذ 15 آذار/مارس 2011 نزاعاً دامياً بدأ باحتجاجات سلمية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، سرعان ما ووجهت بالقوة والقمع لتتحول لاحقاً إلى نزاع مسلح توسع تدريجياً وبات يشمل أطرافا عدة، كل منها مدعوم من جهة إقليمية أو دولية.
 
وتسبب النزاع الذي يزداد تعقيداً بمقتل نحو 354 ألف شخص وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. كما ألحق أضراراً هائلة بالبنى التحتية وأدى إلى تشريد ونزوح أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
 
وفشلت كافة الجهود الدولية التي بذلت على مر سنوات الحرب في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع الذي يعد من بين الأكثر دموية في القرن الحالي، في وقت منح التدخل الروسي بدءا من العام 2015 دفعاً قوياً للرئيس السوري الذي تمكنت قواته من استعادة زمام المبادرة على الجبهات الرئيسية في البلاد.
 
ويقول الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش "يسيطر النظام اليوم على أكثر من نصف البلاد، وعلى مدنها الرئيسية من الواضح أنه انتصر".
 
وخلال سنوات النزاع الأولى، سيطرت فصائل المعارضة على أجزاء واسعة من البلاد ثم برز تنظيم الدولة الإسلامية لاحقاً ليسيطر في العام 2014 على مناطق واسعة ويعلن إقامة "الخلافة الإسلامية" في سوريا والعراق المجاور.
 
إلا أن قوات النظام وبفضل الدعم الروسي، تمكنت من استعادة السيطرة على مناطق عدة، أبرزها كامل مدينة حلب نهاية العام 2016، كما خاضت معارك عدة لاحقاً ضد تنظيم الدولة الإسلامية والفصائل المعارضة على حد سواء.
 
تقاسم النفوذ
 
خلال الأشهر الماضية، خسر تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على مناطق واسعة وانهارت "الخلافة الإسلامية" التي كان قد أعلنها. وبات يسيطر حالياً على أقل من خمسة في المئة من الأراضي السورية.
 
وينتشر مقاتلو التنظيم في جيوب محدودة، أبرزها في شرق محافظة دير الزور الحدودية مع العراق حيث تقاتله قوات سوريا الديمقراطية، فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن.
 
وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية في تشرين الأول/أكتوبر على مدينة الرقة، التي كانت تعد أبرز معقل للتنظيم المتطرف في سوريا.
 
ويقول الخبير في الشأن السوري في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس "من الصعب جداً أن يقف تنظيم الدولة الإسلامية على رجليه مجدداً"، خصوصاً أن الجيش السوري بات اليوم "أقوى مما كان عليه في العام 2014".
 
وقد يلجأ التنظيم المتطرف وخلاياه النائمة وفق لانديس، إلى التفجيرات أو عمليات التسلل.
 
ومن شأن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية أن تحول اهتمام الدول الكبرى والإقليمية التي استثمرت قوات ومعدات في قتاله، إلى الصراع من أجل تحقيق المكاسب وتقاسم النفوذ في ما بينها.
 
ويقول لانديس "ما نراه الآن هو التدافع نحو سوريا".
 
ويوضح أن "الاتجاه الأساسي يميل نحو تقسيم سوريا" إلى ثلاث مناطق، على أن يكون للنظام حصة الأسد بدعم روسي إيراني.
 
مفاوضات متعثرة
 
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا غنية بالنفط، وتشكل ما يعادل ثلاثين في المئة من مساحة سوريا.
 
وفي شمال سوريا، تسيطر تركيا وفصائل موالية لها على طول الشريط الحدودي مع منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية اثر هجوم عنيف بدأته قبل أسابيع. وباتت حاليا تطوق مدينة عفرين مع عشرات القرى غربها.
 
ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيك هاريس إن "الأطراف الدولية خصوصاً الولايات المتحدة وتركيا ستواصل بناء إداراتها الخاصة في مناطق نفوذها" ما من شأنه أن يصعب الأمور أكثر على دمشق.
 
يضيف "بهذا الشكل، سيتواصل في العام 2018 التوجه لتعزيز تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ، حتى لو كانت قوات بشار الأسد تحقق مكاسب في بعض أنحاء البلاد".
 
وتشن القوات الحكومية منذ 18 شباط/فبراير هجوماً في الغوطة الشرقية المحاصرة التي كانت تعد أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق.
 
ويرى بالانش أن "العام 2018 بالنسبة للنظام هو عام استعادة كافة دمشق ومحيطها"، بعدما بات اليوم واثر عملية عسكرية مستمرة منذ نحو شهر يسيطر على أكثر من 60 في المئة من مساحة الغوطة الشرقية.
 
ويشكل الهجوم على الغوطة الشرقية أحد أسوأ مراحل النزاع السوري، مع فشل القوى الدولية في وقف "حمام الدم" المستمر.
 
وفشلت حتى الآن كافة الجهود الدولية لإنهاء النزاع في سوريا، واصطدمت جولات المفاوضات كافة بالخلاف حول مصير الرئيس السوري مع إصرار دمشق على عدم البحث في الموضوع وتمسك المعارضة بوجوب رحيله.
 
وتميز العام 2017 بتقارب أكبر بين روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، وقد انعكس في رعايتهما لاتفاق خفض توتر في أربع مناطق سورية في إطار مباحثات أستانا، وإن كان لم يصمد كثيراً خصوصاً في الغوطة الشرقية.
 
ويقول هاريس "كافة المفاوضات الدولية التي ستحاول إنهاء الحرب الأهلية ستعمل على اعتبار أنه في المستقبل القريب، لن تعود سوريا إلى ما كانت عليه".